للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الرحمن: فلا يُطلق إلا على الله تعالى، فلا يجوز إطلاقه على غيره، قال تعالى: " هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا " (مريم ٦٥)، قال ابن عباس: هل تعلم أحداً يُسمى " الرحمن " غير الله؟! (١). وقال الحسن: هو اسم لا يستطيع أحد أن ينتحله ويُقال: اسم ممتنع، وإنما لم يصح أن يُقال لغيره، وصح أن يقال راحم، ورحيم؛ لأن معنى الرحمن: أن رحمته وسعت كل شيء، وهذا لا يصح في غير الله جل وعلا. (٢)

ويقول السمعاني في الفرق في التسمية بينهما: " فالرحمن من تصل رحمته إلى الخلق على العموم، والرحيم من تصل رحمته إلى الخلق على الخصوص، ولذلك يُدعى غير الله رحيماً، ولا يُدعى رحماناً؛ لأن الله تعالى هو الذي تصل رحمته إلى الخلق، كأنه كما قال تعالى: "وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " (الأعراف ١٥٦)، وأما غير الله قد يخص شيئاً بالرحمة، فيكون ذلك رحيماً " (٣).

وقد سمَّى الله عز وجل نبيه بالرحيم، فقال: " بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (١٢٨) " (التوبة ١٢٨)، أي: عطوف رفيق. (٤)

د ـ كفر المشركين بالرحمن:

قال تعالى: " كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ " (الرعد ٣٠)، يقول السمعاني: " وقوله: " وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ " فيه قولان: أحدهما: قال ابن جريج: الآية مدنية في قصة الحديبية، فإن سهيل بن عمرو لما جاء، واتفقوا أن يكتبوا كتاب الصلح، كتب علي ـ رضي الله عنه ـ: (بسم الله الرحمن الرحيم)، فقالوا: لا نعرف الرحمن، اكتب كما نكتب نحن: باسمك اللهم.

والقول الثاني: وهو المعروف أن الآية مكية، وسبب نزولها: أن أبا جهل سمع النبي


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٣٠٥
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٣٢٣
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٣٤
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٣٦٣

<<  <   >  >>