للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما قول السمعاني: " خلاف قول المعتزلة "، فهو مما خالفت فيه الكتاب والسنة، وأهل الحديث، وقد نقل الأشعري مقالاتهم، وصنف آراءهم (١)، ولذا كان قولهم، في إثبات الأسماء والصفات، مكابرة للعقل، ومخالفة للإجماع، يقول الإمام ابن تيمية: " وقاربهم طائفة ثالثة من أهل الكلام،، من المعتزلة ومن اتبعهم، فأثبتوا له الأسماء، دون ما تضمنته من الصفات، فمنهم من جعل العليم، والقدير، والسميع، والبصير، كالأعلام المحضة المترادفات، ومنهم من قال: عليم بلا علم ... فأثبتوا الاسم دون ما تضمنه من الصفات. والكلام على فساد مقالة هؤلاء، وبيان تناقضها، بصريح المعقول، المطابق لصحيح المنقول، مذكور في غير هذه الكلمات " (٢).

وفيما يتعلق بصفة العلم الإلهي، ذكر السمعاني جملة من السؤالات المتعلقة به، وأجاب عنها، وهي كالآتي:

أ ـ ما معنى قول الله تعالى: {إِلَّا لِنَعْلَمَ} [البقرة:١٤٣]، مع أنه سبحانه وتعالى عالم بالأشياء قبل كونها؟

ومثله قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [آل عمران:١٤٠]؟!، ومثله قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (١٦٦) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا} [آل عمران:١٦٦ - ١٦٧]، ومثله قوله تعالى: {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت:٣]، ومثله قوله تعالى: {إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ} [سبأ:٢١]، ومثله قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ} [محمد:٣١]؟.

أجاب السمعاني عن هذه الآيات، بأن الله تعالى، كان عالماً به علم الغيب، وإنما أراد بهذا العلم، الذي يتعلق به الثواب والعقاب، وهو العلم بوجود الاتباع، فإن كونه موجوداً، يُعلم بعد الوجود. وقيل معناه: إلا لنرى، وهو قريب من الأول، وقيل: الابتلاء مضمر فيه، وتقديره: إلا لنبتلي " (٣).


(١) ((الأشعري: مقالات الإسلاميين: ١/ ١٤١
(٢) ((ابن تيمية: التدمرية: ١/ ١٨
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ١٥٠

<<  <   >  >>