للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ ـ قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام:١٠٣]، " استدل بهذه الآية من يعتقد نفي الرؤية، قالوا: لما تمدَّح بأنه لا تدركه الأبصار؛ فمدحه يكون على الأبد في الدنيا والآخرة " (١). ورد عليه السمعاني بقوله: " فأما قوله تعالى: " لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ " فالإدراك غير الرؤية؛ لأن الإدراك: هو الوقوف على كنه الشيء وحقيقته، والرؤية: هي المعاينة، وقد تكون الرؤية بلا إدراك، قال تعالى في قصة موسى: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١) قَالَ كَلَّا} [الشعراء:٦١]، فنفى الإدراك مع إثبات الرؤية، وإذا كان الإدراك غير الرؤية، فالله تعالى يجوز أن يُرى، ولكن لا يدرك كنهه، إذ لا كنه له حتى يُدرك، وهذا كما أنه يُعلم ويُعرف ولا يُحاط به، كما قال: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه:١١٠] فنفى الإحاطة مع ثبوت العلم " (٢).

والوجه الثاني في الرد: أن يكون معنى قوله {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} يعني: في الدنيا، هو يرى الخلق، ولا يراه الخلق في الدنيا، بدليل قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)} فكما أثبتت الرؤية بتلك الآية في الآخرة، دَلَّ على أن المراد بهذه الآية: الإدراك في الدنيا؛ ليكون جمعاً بين الآيتين " (٣).


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ١٣٢
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ١٣٢
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ١٣٣

<<  <   >  >>