للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ ـ قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي} [الأعراف:١٤٣]، يقول السمعاني: " قَالَ لَنْ تَرَانِي " يستدل من ينفي الرؤية بهذه الكلمة، وليس لهم فيها مُستدل، وذلك لأنه لم يقل: إني لا أُرى، حتى يكون حجة لهم، ولأنه لم ينسبه إلى الجهل في سؤال الرؤية، كما نسب إليه قومه بقولهم: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ}، لما لم يجز ذلك. وأما معنى قوله " لَنْ تَرَانِي "، يعني: في الحال، أو في الدنيا " (١).

وفي ختام هذا المطلب، أًشير إلى مسألتين، أثارهما الإمام السمعاني:

المسألة الأولى: هل الدهر من أسماء الله وصفاته؟!

أورد السمعاني الأثر الوارد في السنة، وهو قوله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر، أدبر الأمر، أقلب الليل والنهار) (٢).

وصنيع السمعاني في ذكر تأويل الخبر، يدل على أنه ليس من أسماء الله ولاصفاته، إلا على تأويل الدهر بالخالق فيعود لصفة الخلق، أي يكون معنى الخبر: فإن الله هو الدهر: أي خالق الدهر. وهذا هو الوجه الأول الذي فسَّر به السمعاني هذا الخبر.

والوجه الثاني: لا تسبوا الدهر فإني فاعل الأشياء. وكانوا يضيفون الفعل إلى الدهر، ويسبونه، فإن الله هو الدهر، يعني: أن الله فاعل الأشياء، لا الدهر. قال السمعاني: "وهذا قول معتمد ".

والوجه الثالث: وهو أنهم كانوا يعتقدون بقاء الدهر، وأنه لا يبقى شيء مع بقاء الدهر، فقال: لا تسبوا الدهر، يعني: لا تسبوا الذين يعتقدون أنه الباقي، فإن الله هو الدهر، يعني: فإن الله هو الباقي، بقاء الأبد على ما يعتقدون في الدهر. (٣)


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٢١٢
(٢) ((أخرجه البخاري في صحيحه، باب " وما يهلكنا إلا الدهر "، ح (٤٨٢٦)
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ١٤٣

<<  <   >  >>