للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خلاصة الفصل: تبيَّن مما سبق ذكره وإيضاحه، التزام السمعاني بمذهب السلف، في أنواع التوحيد الثلاثة، من جهة الدلالة والاستدلال، وإن كان قوله ـ رحمه الله ـ مرجوحاً في بعض المسائل، كمسألة الاسم والمسمى، وتخريج بعض أقواله في إطلاقه التشابه، على بعض نصوص الصفات، وما عدا ذلك، فكان الإمام السمعاني حرباً على أهل الشرك، والبدع، والتأويلات الفاسدة، فقد قَرَّر العقيدة والتوحيد، بأسلوب سهل ميسَّر، بعيد عن الفلسفات والقوانين المنطقية، والأُطر الكلامية، ولذا فقد سلك في بيان تقرير المعتقد الصحيح، منهج السلف في التدليل والبيان، والتوجيه والتقعيد، والرد على الشبهات، بل ربما أورد بعض المشكلات، ورد عليها بأسلوب عقلي مقنع.

وكذلك تبيَّن ـ مما سبق ـ أهمية التوحيد بأنواعه الثلاثة، وشرفها، ومنزلتها، فإن " كل آية في القرآن، فهي متضمنة للتوحيد، شاهدة به، داعية إليه، فإن القرآن إما خبر عن الله، وأسمائه وصفاته وأفعاله، فهو التوحيد العلمي الخبري، وإما دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له، وخلع كل ما يُعبد من دونه، فهو التوحيد الإرادي الطلبي، وإما أمر ونهي، وإلزام بطاعته في نهيه وأمره، فهي حقوق التوحيد ومكملاته، وإما خبر عن كرامة الله لأهل توحيده وطاعته، وما فعل بهم في الدنيا، وما يُكرمهم به في الآخرة، فهو جزاء توحيده، وإما خبر عن أهل الشرك، وما فعل بهم في الدنيا من النكال، وما يحل بهم في العقبى من العذاب، فهو خبر عمن خبر عن حكم التوحيد " (١).

وتبيَّن لنا خطورة الشرك، وأن أصله وقاعدته التي يرجع إليها: هو التعطيل، إما تعطيل المصنوع عن صانعه، أو تعطيل الصانع عن كماله الثابت له، أو تعطيل معاملته عما يجب على العبد من حقيقة التوحيد (٢)، وحقيقته: تشبيه الخالق بالمخلوق، أو تشبيه المخلوق بالخالق. (٣)


(١) ((ابن القيم: مدارج السالكين: ٣/ ٤١٧
(٢) ((المقريزي: تجريد التوحيد المفيد: ٢٥
(٣) ((المقريزي: تجريد التوحيد المفيد: ٢٧

<<  <   >  >>