للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتبيَّن لنا وسطية أهل السنة بين طوائف الملة، في توحيد الأسماء والصفات، وأنهم لا يتجاوزون في الوصف القرآن والحديث، وكان مطرف يقول: الحمد لله الذي من العلم به، الجهل بغير ما وصف به نفسه، ويقول سحنون: من العلم بالله، السكوت عن غير ما وصف به نفسه. (١)

ويُخشى على من جحد التوحيد، وعَبَد غير الله تعالى، وانغمس في المعاصي، أن يكون ممن مكروا السيئات، قال تعالى: {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ} [النحل:٤٥]، يقول السمعاني: " مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ " يعني: فعلوا السيئات، وذلك: جحدهم التوحيد، وعبادتهم غير الله، وعملهم بالمعاصي، وقد قالوا في هذا الموضوع: هو السعي بالفساد، وما قلناه أفسد الفساد " (٢).

وتبيَّن ـ فيما سبق ـ أن بين أنواع التوحيد الثلاثة، إما علاقة تضمن والتزام، وإما علاقة شمول: فعلاقة الشمول، بمعنى أن توحيد الأسماء والصفات شامل لنوعي التوحيد الآخرين، من جهة الإقرار، فإن من أقرَّ بأسمائه وصفاته، ضمن ذلك الإقرار، بأن الله هو الرب والإله. وأما علاقة التضمن واللزوم: فإن توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية، وتوحيد الألوهية متضمن توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية والربوبية متضمن لتوحيد الأسماء والصفات، ومن اعتقد أن الله تعالى له الأسماء الحسنى، الصفات العلى، لزمه اعتقاده رباً وإلهاً. (٣)


(١) ((ابن عبدالبر: التمهيد: ٧/ ١٤٦ - ١٤٧
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ١٧٤
(٣) ((انظر: سعود الخلف: أصول مسائل العقيدة: ١/ ٨٩، محمد التميمي: معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات: ٣٧، محمد ملكاوي: عقيدة التوحيد في القرآن الكريم: ١٢٢.

<<  <   >  >>