للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" ويجزي من ذلك كله، الإيمان بالقرآن العظيم؛ فإنه قد وجب الإيمان بكل آية منه، وقد ذكر فيه جميع الأنبياء عموماً وخصوصاً، وما أنزل عليهم، ففي الإيمان به، إيمان بجميع الكتب؛ لأنه مهيمن على جميعها " (١)، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة:٤٨]، فالكتاب هو القرآن الكريم، " مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ " يعني: سائر الكتب المنزلة قبله، " وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ "، قال ابن عباس: أي: أميناً عليه، والمعنى أن كل كتاب يصدقه القرآن، ويشهد بصدقه، فهو كتاب الله، ومالا فلا (٢). وعلى هذا إجماع المسلمين، يقول الإمام ابن تيمية: " السلف كلهم متفقون على أن القرآن، هو المهيمن المؤتمن الشاهد على ما بين يديه من الكتب " (٣).

ولذا كان الإيمان بالكتب، من الأصول المعتبرة في الإيمان، والإيمان بالقرآن الكريم يشمل أموراً: ١ ـ الإيمان بأنه كلام الله تعالى.

٢ ـ والإيمان بأنه معجز النظم.

٣ ـ واعتقاد أن جميع القرآن الذي توفي النبي صلى الله عليه وسلم عنه، هو الذي في مصاحف المسلمين، لم يُزد فيه حرف، ولم يُنقص منه حرف.

وأما الإيمان بالكتب قبله، فيقتضي الإيمان بها، الاعتراف بأنها كانت من عند الله، وكانت في أوقاتها حقاً وصدقاً، واتباعها واجباً للمتعبدين المخاطبين بها، كما أن الإيمان به يقتضي الإيمان بقبول ماجاء به، واتباعه في عامة ما يأمر به، ويدعو إليه. (٤)

والإمام السمعاني قد قرر جميع هذه المعاني وأثبتها، وبين دلائل الحق فيها، ورد على الشبهات التي تعتريها.

وقد ظهر اهتمام السمعاني بهذا الركن من عدة جهات:

١ - التعريف بالقرآن الكريم والكتب السابقة.

٢ - الإشارة إلى صفات القرآن الكريم.

٣ - بعض أوجه إعجاز القرآن الكريم.

٤ - وذكر جملة من المسائل المتعلقة بالقرآن الكريم:


(١) القصري: شعب الإيمان: ٣٠٣
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٤٣
(٣) ابن تيمية: مجموع الفتاوى: ١٧/ ٤٣
(٤) الحليمي: مختصر كتاب المنهاج: ٦٨ - ٧٠

<<  <   >  >>