للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أفاض العلماء في ذكر أوجه إعجاز القرآن الكريم (١)، ما بين بلاغته، وبيانه، وأحكامه، وأوامره، ونواهيه، ومواعظه، وزواجره، وعلومه ومعارفه، وحفظه من أيدي العابثين، وتيسير حفظه وفهمه، وما انطوى عليه من الإخبار عن المغيبات الماضية والمستقبلة، وما يحويه من روعة وهيبة تلحق قلوب سامعيه وأسماعهم عند سماعه، ولذا لا يمل سامعه، ولا يفتر قارئه، فتلذ له الأسماع، وتشغف له القلوب، " لا يأتيه التكذيب من الكتب المتقدمة، ولا يأتيه من بعده كتاب ينسخه ويرفعه " (٢). بل كانت الكتب السابقة كلها يصدق بعضها بعضاً، وجاء القرآن مصدقاً لها، قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ} [البقرة:٨٩]، والكتاب هو القرآن، وهو مصدق لما معهم من التوراة والإنجيل (٣). وقال تعالى: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} [آل عمران:٣]، يعني: القرآن مصدق لما قبله من التوراة والإنجيل. (٤)

ولذا كان القرآن كله صدق وحق، ولا تناقض فيه ولا تفاوت، وكله بليغ صحيح، ليس فيه مرذول ولا فاسد؛ لأنه {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فُصِّلَت:٤٢]، {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء:٨٢]، قال ابن عباس: ليس في القرآن تناقض ولا تفاوت. (٥)


(١) انظر: السيوطي: معترك الأقرآن في إعجاز القرآن: دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤٠٨ هـ
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٥٥
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ١٠٧
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٢٩١
(٥) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٤٥٣

<<  <   >  >>