للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا يقول السمعاني: " واعلم أن الأنبياء معصومون من الكبائر " (١)، وقال: وأما الأنبياء عليهم السلام، فلا يصح منهم وقوع الكبائر؛ لعصمة الله إياهم عن ذلك (٢)، وقال عن لوط عليه السلام حين قال لقومه: {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} [هود:٧٨]، " ومنهم من قال: إنما قال هذا على طريق الدفع، لا على طريق التحقيق، ولم يرضوا هذا لقول؛ لأنه كان معصوماً من الكذب " (٣). ومن الأمثلة التي ذكرها السمعاني أيضاً: ما حكاه بعض المفسرين في نبي من الأنبياء، بعثه الله تعالى إلى قومه، فرشاه قومه، قال السمعاني: " وهذا أضعف الأقوال؛ لأن الله تعالى يعصم أنبياءه عن مثل ذلك ". (٤)

فالعصمة من الكبائر دون الصغائر، هو قول أكثر علماء الإسلام، وجميع الطوائف، حكاه الإمام ابن تيمية (٥). ومسأل العصمة من الصغائر، هي موطن نزاع، لكن حكى شيخ الإسلام، كما أشرنا، إلى أنه هو القول المعروف عن أكثر علماء الإسلام، وهو الذي رجحه السمعاني فقال: " واعلم أن الأنبياء معصومون من الكبائر، فأما الخطايا والصغائر تجوز عليهم " (٦)، وقال: الأصح أن ذلك يصح وقوعه منهم، ويتداركون ذلك إبان موته قبل اخترام المنية، وأما الخطأ والسهو فيجوز ذلك من الأنبياء (٧)، وقال الشوكاني: وجماعة من الفقهاء والمحدثين، قالوا: ولا بُدَّ من تنبيههم عليه" (٨)، ولكنه عقد فصلاً في الرد على من جَوَّز عليهم الصغائر.

وقد حمل السمعاني ما ورد عن إبراهيم عليه السلام، من قوله: " إِنِّي سَقِيمٌ "، " بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا "، وقوله عن سارة (هذه أختي)، على أحد معنيين:


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٥٤
(٢) - السمعاني: قواطع الأدلة: ١/ ٣٠٣
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٤٤٧
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٢٣٢
(٥) ابن تيمية: مجموع الفتاوى: ٤/ ٣١٩
(٦) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٥٤
(٧) - السمعاني: قواطع الأدلة: ١/ ٣٠٣
(٨) الشوكاني: إرشاد الفحول: دار الكتاب العربي، بيروت، ط ١، ١٤١٩، (١/ ٩٩)

<<  <   >  >>