للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: أن الله تعالى أذن له قول ذلك؛ لقصد الصلاح، قال: وهو قول أهل السنة.

الثاني: أن هذا قول يُخالف لفظه معناه، ولكل قول تأويله. أما قوله: " بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ " أي: على زعمكم واعتقادكم، وهو على وجه إلزام الحجة، وقال بعضهم معناه: " بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ "، قاله على سبيل الشرط، قال النحاس: وفي هذا التأويل بعد، وهو مخالف للأخبار الثابتة، وأما قوله: " إِنِّي سَقِيمٌ " أي: سأسقم، وقيل: معناه: سقيم، أي: مغتم بضلالتكم، فكأنه سقيم القلب بذلك، وأما قوله لسارة (هذه أختي) أي: أختي في الدين (١). فكلها من معاريض الكلام، ولم يكن كذباً صريحاً. (٢) وأورد السمعاني في قصة نوح سؤالاً، مفاده: فإن قيل: كيف يجوز أن يسخر نبي من الأنبياء من قومه؟ الجواب: أن هذا من ازدواج الكلام، ومعناه: إن تستجهلوني فإني استجهلكم إذا نزل العذاب، ومثله (إن تسخروا مني فسترون عاقبة سخريتكم). (٣)

وكذا ما ورد عن يوسف عليه السلام، حين قال: {أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} [يوسف:٧٠] إذ كيف استجاز أن ينسبهم إلى السرقة ولم يسرقوا؟!. ذكر السمعاني أوجها في الجواب، ثم قال: والقول الأول أجود الأقاويل، وهو إنكم لسارقوا يوسف من أبيه، وعملتم كما يعمل السُرَّاق. ثم قال: ويُقال: إنه كان وَاضَعَ مع بنيامين، وقال ما قاله بالمواضعة. (٤)

وقد أحسن السمعاني في توجيه ابتلاء داود في موطن دون آخر. ففي الموطن الأول في سورة (ص)، ذكر أقوال بعض أهل التفسير في سبب ابتلاء داود عليه السلام، وذكر أقوالاً، لا تليق بنبي الله داود عليه السلام، وذلك أنه فتن بامرأة أوريا. (٥)


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٣٨٩
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٤٠٥
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٤٢٨
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٤٩
(٥) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٤٣٢

<<  <   >  >>