للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذلك نص العلماء على أن هذه القصة من المختلقات على نبي الله داود عليه السلام (١)، قال ابن عطية: " وفي كتب بني إسرائيل في هذه القصة صور لا تليق، وقد حَدَّث بها قصاص في صدر هذه الأمة، فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: من حدث بما قال هؤلاء القصاص في أمر داود عليه السلام، جلدته حدين، لما ارتكب من حرمة من رفع الله محله " (٢)، وقال الرازي: " والذي أدين به، وأذهب إليه، أن ذلك باطل " (٣).

وفي الموطن الثاني: في السورة نفسها، حَكى السمعاني خلاف المفسرين في السبب الذي لأجله ابتلى الله سليمان عليه السلام، ثم قال: " والله أعلم بما كان، ولا شك أن الآية تدل على أن الله تعالى، قد أقعد على كرسيه غيره، وسلبه شيئاً كان له " (٤)، وغالب ما يُذكر متلقى عن بني إسرائيل. (٥)

وأورد السمعاني تساؤلاً في هذا الباب، عند تفسير قوله تعالى: {لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي} [طه:٩٤]، قال: " فإن قال قائل: هذا تهاون نبي من أنبياء الله، فتكون كبيرة من الكبائر، فكيف وجه فعل هذا من موسى؟ والجواب عنه: أنه يحتمل أنه لم يكن مثل هذا الفعل تهاوناً في عاداتهم، فكان الأخذ باللحي، شبه الأخذ بالكف عندهم. وقال بعضهم: أنه أخذ بلحيته كما يأخذ الإنسان بلحية نفسه عند الغضب، فجعله كنفسه، وأولى الأجوبة: أن هذا فعل الإنسان بمثله وشكله عند الغضب، فتكون صغيرة لا كبيرة، والصغائر جائزة على الأنبياء". (٦)


(١) أبو الحسن الأشعري: تنزيه الأنبياء: ٢٧
(٢) ابن عطية: المحرر الوجيز: ٤/ ٤٩٩
(٣) الرازي: مفاتيح الغيب: ٢٦/ ٣٧٧
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٤٤٤
(٥) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: ٧/ ٦٩
(٦) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٣٥١

<<  <   >  >>