للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لو قال قائل في هذا المقام، مع كثرة الآيات المقترحة من الكفار، لِمَ لا يجوز أن يجيبهم إلى الآية المقترحة، لعلها تكون سبباً لإيمانهم؟ قيل: إن الآية المقترحة لا نهاية لها، وإن وجب في المصلحة أن يجيب واحداً، وجب أن يجيب آخر، إلى مالا يتناهى (١)، وجواب آخر: وهو أن الأولين اقترحوا الآيات، فلما أعطوا كذبوها فأهلكوا، فلو أعطى الله تعالى كفار مكة الآيات المقترحة وكذبوا بها، عاجلناهم بالعذاب، وقد حكمنا بإمهالهم (٢)، وثالثاً: أنهم لو رأوا جميع الآيات لم يؤمنوا بها. (٣)

ومع هذا التعنت، يُرسل الله تعالى آيات، وبراهين، وحججا، ساطعة، يُعلِم بها العباد أنه أرسل رسولاً، مؤيداً بهذا الآيات العظيمة، التي تكون خارقة لجميع الثقلين، فما يجريه الله تعالى على يد نبيه، على وجه الطلب أو الابتداء، ويكون خارقاً لقوانين الطبيعة، وخواص المادة، ومجرداً عن الأسباب والمسببات المعتادة على وجه يفوق طاقات العباد، ويَعْجَزُ الجميع عن معارضتها، فهي المعجزة. (٤)

وقد أَيَّد الله تعالى أنبياءه ورسله بالآيات والبراهين، الدالة على صدق ما يدعون إليه، إلا أن القرآن الكريم لم يستغرق كل الآيات، بمعنى أنه القرآن أشار إلى بعض آيات الأنبياء، ولم يُشر إلى بعضها الآخر، فليست كل الآيات مذكورة في القرآن. (٥)


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٩١
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٢٥٣
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٩٥
(٤) عبدالرحمن الحميضي: خوارق العادات: مكتبات عكاظ، جدة، ط ١، ١٤٠٢ هـ (٣٦)
(٥) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ١٩٧

<<  <   >  >>