للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمثلاً شعيب عليه السلام قال لقومه: {قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأعراف:٨٥]، ولم تذكر ماهية الآية في القرآن، يقول السمعاني:" فإن قال قائل: " وما معنى قوله " قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ "، ولم تكن لهم آية؟ قيل: بل كانت لهم آية، إلا أنها لم تذكر في القرآن، وليست كل الآيات مذكورة في القرآن ". (١)

وكان نبينا محمداً عليه الصلاة والسلام من أعظم الأنبياء وأفضلهم، ولذلك ما أوتي نبي آية، إلا أوتي نبينا مثل تلك الآية، وقد أًوتي انشقاق القمر، وحنين الجذع، وكلام الشجر، ونبع الماء بين الأصابع، والقرآن العظيم، وبعث إلى الأحمر والأسود، وغيره من الأنبياء بُعث إلى قوم مخصوصين (٢)، ولذا يقول السمعاني: " واعلم أن الله تعالى قد أعطى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم المعجزات الكثيرة، ولكنه لم يعطه على وفق ما اقترحوا " (٣)، وأعظم آياته التي أيده الله تعالى بها القرآن، ولذا تحدى به الجن والإنس، وقال تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} [البقرة:٢٤]، يعني: فإن لم تفعلوا ذلك، ولن تفعلوه أبداً على طريق الإعجاز، ولم للماضي، ولن للمستقبل، يقول السمعاني: " وإنما قال هذا؛ لبيان المعجزة؛ لأن القرآن كان معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم، حيث عجز الكل عن الإتيان بمثله " (٤). ويُقرر السمعاني أن دلائل صدق النبوة كثيرة، فهي لا تُحصر في المعجزة كما يقول المتكلمون، بل إن محمداً عليه الصلاة والسلام، النبي الأكرم، لو لم تأته معجزة، لدلت أحواله على صدقه، وعلى نبوته (٥). وهذا الذي يسميه الإمام ابن تيمية بالمسلك الشخصي. (٦)


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ١٩٧
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٢٥٦
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ١٨٦
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٥٩
(٥) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٥٣٣
(٦) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٨٨٦

<<  <   >  >>