للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وترجم لهذا الأئمة في مصنفاتهم، قال البيهقي: " باب ما جاء في حفظ الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم في شبيبته عن أقذار الجاهلية ومعايبها؛ لما يريد من كرامته برسالته، حتى بعثه رسولاً ". (١)

وكان الإمام أحمد يُشدِّد في هذه المسألة، فكان يقول: من قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على دين قومه، فهو قول سوء، أليس كان لا يأكل مما ذُبِح على النُّصُب. (٢)

والمعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان متديناً قبل بعثه، فهل كان متعبداً بشريعة من قبله؟. قولان: ١ ـ كان متعبداً بما صح من شرائع من قبله بطريق الوحي إليه، لا من جهتهم ولا بتعلم، ولا من كتبهم المبدله.

٢ ـ وقيل: لم يكن متعبداً بشيء من الشرائع، إلا ما أوحى إليه في شريعته.

واختلف القائلون بأنه كان متعبداً بشرع من قبله، بأي شريعة كان يتعبد؟ فقال بعضهم: بشريعة إبراهيم خاصة، وقال عنه السمعاني: هو قول شاذ، وذهب آخرون إلى أنه كان متعبداً بشريعة موسى، وظاهر كلام أحمد: أنه كان متعبداً بكل ما صح أنه شريعة لنبي قبله، ما لم يثبت نسخه، يدل عليه قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام:٩٠]. (٣)

وقد نازع السمعاني في هذه المسألة في كتابه القواطع، وذهب إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن متعبداً بشرع من قبله قبل الوحي، وإنما كان ما كان منه على طريق الموافقة، حين وجد قومه على أدب إبراهيم عليه السلام (٤)، ورجح القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن متعبدا باتباعها، بل كان منهيا عنها (٥).


(١) البيهقي: دلائل النبوة: دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤٠٥ هـ، (٢/ ٣٠)
(٢) المقريزي: إمتاع الأسماع: ٢/ ٣٥٧
(٣) المقريزي: إمتاع الأسماع: ٢/ ٣٥٨،أبو يعلى: العدة في أصول الفقه: ط ٢، ١٤٢٠ هـ (٣/ ٧٦٥)
(٤) السمعاني: قواطع الأدلة: ١/ ٣٢١
(٥) - السمعاني: مرجع سابق: ١/ ٣١٦

<<  <   >  >>