للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٤ ـ أن الله تعالى عصم نبيه صلى الله عليه وسلم: فقال: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة:٦٧]، ولكن هذه العصمة ـ كما بينا ـ فيما يتعلق بتبليغ الرسالة، والعصمة من الكفر والشرك، والكبائر، أما العوارض البشرية فهذه تقع عليه، وعلى غيره من الأنبياء، يقول الإمام ابن تيمية: " والأنبياء يجوز عليهم المرض، والجوع، والنسيان، ونحو ذلك بالإجماع". (١)

ومن هذه العوارض التي جرت للنبي صلى الله عليه وسلم وقوع السحر عليه، يقول السمعاني في تفسير سورة الفلق: " واعلم أن المفسرين قالوا: إن هذه السورة والتي تليها نزلتا حين سُحر النبي صلى الله عليه وسلم، سحره لبيد بن أعصم اليهودي. وكان لبيد قد سحر النبي صلى الله عليه وسلم، وجعل ذلك في بئر ذي أروان، فاعتل النبي صلى الله عليه وسلم، واشتدت علته، وكان يُخيَّل إليه أنه يفعل الشيء ولا يفعله، ثم إن جبريل عليه السلام أنزل المعوذتين " (٢). وحاول بعض الناس إنكار السحر، بحجة منافاته لمقام النبوة، وهؤلاء تصدى لهم العلماء، وبينوا عوار قولهم، وفساد رأيهم، وفيهم يقول ابن قتيبة: " إن الذي يذهب إلى هذا، مخالف للمسلمين، واليهود، والنصارى، وجميع أهل الكتب، ومخالف للأمم كلها، الهند، وهي أشدها إيماناً بالرقى، والروم، والعرب في الجاهلية، وفي الإسلام، ومخالف للقرآن معاند له بغير تأويل؛ لأن الله عز وجل قال لرسوله صلى الله عليه وسلم: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (٤)} [الفَلَق:١ - ٤]، فأعلمنا أن السواحر، ينفثن في عُقدٍ يعقدنها، كما يتفل الراقي والمُعوِّذ ... ". (٣)


(١) ابن تيمية: الاستغاثة في الرد على البكري: دار الوطن، الرياض، ط ١، ١٤١٧ هـ، (١/ ٣٠٦)
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ٣٠٧ - ١/ ١١٦
(٣) ابن قتيبة: تأويل مختلف الحديث: المكتب الإسلامي، ط ١، ١٤١٩ هـ، (٢٦١)، وانظر رد المازري عليهم في فتح الباري: ١٠/ ٢٢٦

<<  <   >  >>