للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقرر السمعاني مسائل الحشر، على وفق الظواهر القرآنية، على ما أجمع عليه السلف، فقال في تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام:٣٨]: " ولا شك في حشر البهائم والحيوانات يوم القيامة " (١)، وأن الناس يُحشرون يوم القيامة بأتم خلق، مصححة الأجساد؛ لخلود الأبد، وقد جاء في الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم: " تُحشرون يوم القيامة حفاة، عراة، غرلاً، بهماً " (٢)، يقول السمعاني: " وقوله: بهماً، أي: مصححة الأجساد للخلود ". (٣)

وذكر السمعاني صفة حشر الناس يوم القيامة، فقال: " في الأخبار: أن الناس يحشرون ثلاثة أصناف: صنف، ركباناً، وصنف مشاة، وصنف على وجهوهم ". (٤)

وهل (من) في قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ} [النمل:٨٣]، للتبعض؟. يقول السمعاني: " وليس (من) هاهنا للتبعيض؛ لأن جميع المكذبين يحشرون " (٥)، وفائدة تخصيص المكذبين؛ لأن الحشر الذي يُساق فيه إلى النار، إنما يكون للمكذبين. (٦)

٩ ـ أجمع المسلمون من أهل السنة، على أن الجنة والنار مخلوقتان، وعلى أن الله تعالى قد أعدهما لأهلهما، وأجمعوا على أنهما لا يبيدان ولا يفنيان، وأجمعوا على أن ما وصف الله تعالى في الجنة من أكل وشرب، وأزواج مقدسات، ولباس، ولذَّات حق صحيح. (٧)

" والجنة والنار داران، كل واحدة منهم ضد الأخرى، فما في هذه من أنواع الإكرام والنعيم، فله في هذه ضده من الخزي والعذاب الأليم. قالوا هذه نور، والأخرى ظلمة، وهذه أُنس وحُسن محض، وهذه وحشة وفزع وقبح محض، وهذه راحة ولذة وسرور محض، وهذه مشقة وتنغيص وكرب محض ". (٨)


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ١٠٢
(٢) أخرجه أحمد في المسند، ح (١٦٠٤٢)
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٢٦٤
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ١٩
(٥) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ١١٦
(٦) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ١١٦
(٧) ابن القطان: الإقناع: ١/ ٥٧ - ٥٨
(٨) القصري: شعب الإيمان: ٦٢٢

<<  <   >  >>