للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ـ وقوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الإنسان:٣٠]، يقول السمعاني: " رد مشيئتهم إلى مشيئته، والمعنى: لا يريدون إلا بإرادة الله، وهو موافق لعقائد أهل السنة، أنه لا يفعل أحد شيئاً، ولا يختاره، ولا يشاؤه، إلا بمشيئة الله ". (١)

٤ ـ الإيمان بعموم الخالقية، وأن الله خالق كل شيء، وربه، ومليكه، وقد دخل في ذلك جميع الأعيان القائمة بأنفسها، وصفاتها القائمة بها من أفعال العباد، وغير أفعال العباد (٢). وهذا مما أجمع عليه المسلمون، فقد أجمعوا على أنه تعالى خالق لجميع الحوادث وحده، لا خالق لشيء منها سواه، وأجمعوا على أنه الخالق لجميع أفعال العباد، وأرزاقهم، والمنشيء لجميع الحوادث وحده. (٣)

واستدل السمعاني على هذه المرتبة بعدة أدلة من القرآن الكريم، منها:

ـ ما يدل على حصر الخلق في الرب جل وعلا، قال تعالى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر:٣]، أي: لا خالق غير الله (٤)، فهذا استفهام على وجه التقرير، كأنه قال: لا خالق غير الله. (٥)

ـ وما يدل على عموم الخالقية، قال تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الذاريات:٤٩]، أي: صنفين، ويقال معناه: زوجين زوجين، وذلك مثل: السماء والأرض، والليل والنهار، والنور والظلمة، والذكر والأنثى، والبر والبحر، وعن مجاهد قال: الكفر والإيمان، والشقاوة والسعادة، والهدى والضلالة، وروى حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله خالق كل شيء، صانع وصنعته " (٦) (٧)، قال الإمام البخاري: " فأخبر أن الصناعات وأهلها مخلوقة ". (٨)


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ١٢٤
(٢) ابن تيمية: مجموع الفتاوى: ٨/ ٤٤٩
(٣) ابن القطان: الإقناع: ١/ ٦١ - ٦٢
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ١٧٣
(٥) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٣٤٥
(٦) أخرجه البخاري في كتاب خلق أفعال العباد: دار المعارف، الرياض، (٤٦)
(٧) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٢٦٢
(٨) البخاري: خلق أفعال العباد: ٤٦

<<  <   >  >>