للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٥ ـ وقوله تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء:٢٣]، يقول السمعاني: "يعني: لا يُسأل عما يحكم على خلقه، والخلق يُسألون عن أفعالهم وأعمالهم ... وفي الآية رد على القدرية، وقطع شبهتهم بالكلية ". (١)

وقد استدل بها السلف على ذلك: " روى أبو الأسود الدؤلي عن عمران بن حُصين قال له: أرأيت ما يسعى فيه الناس ويكدحون، أهو أمر قُضي عليهم، أو شيء يستأنفونه؟ فقلت: لا، بل أمر قُضي عليهم، قال: أفلا يكون ظلماً؟ قلت: سبحان الله " لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ فقال لي: أصبت يا أبا الأسود، وقد أجزت عقلك ". (٢)

١٦ ـ وقوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} [المائدة:٤١]، يقول السمعاني:" وفيه دليل على من يُنكر القدر " (٣)، فنسب الإضلال والتطهير إليه سبحانه.

١٧ ـ وقوله تعالى: {وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الأنعام:١١١]، يقول السمعاني: " وفي الآية دليل واضح على أهل القدر " (٤)؛ لأنه جعل إيمانهم بمشيئته.

فهذه الدلائل القرآنية وغيرها الدامغة لمذهب أهل القدر، تدل دلالة واضحة، على اهتمام السلف ببيان العقائد الصحيحة، والرد على أهل البدع، والكشف عن عقائدهم الفاسدة، ولا أدلَّ على ذلك، من التصانيف الخاصة والعامة في هذه المسألة. فالإمام السمعاني ممن ساهم في إيضاح عقائد السلف في هذا الباب، ثم نُبيِّن جهوده في رد شبهاتهم التي تمسكوا بها، وجعلوها ستاراً على ضلالاتهم.


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٣٧٤
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٣٧٤
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٣٩
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ١٣٧

<<  <   >  >>