ثانياً: بعد أن بيَّن السمعاني المنهج الحق في هذه المسألة، وقرر عقيدة السلف فيها بالأدلة، شرع في بيان ما احتجوا به، ونقضه، وبيان تهافته، وأن هذه الدلائل حق في نفسها، تدل على خلاف ما ذهبوا إليه، ومن تلك الأدلة، ما يلي:
١ ـ احتجت القدرية بقوله تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}[النحل:٣٥]، وقد بيَّن السمعاني وجه احتجاجهم بها فقال:" ووجه احتجاجهم: أن المشركين قالوا: " لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ "، ثم إن الله تعالى قال في آخر الآية: " كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ "؛ رداً وإنكاراً عليهم، فدل على أن الله تعالى لا يشاء الكفر، وأنهم فعلوا ما فعلوا بغير مشيئة الله "(١)، ثم رد السمعاني عليهم هذه الشبهة، فقال: " والجواب عنه: ذكر الزجاج وغيره، أنهم قالوا هذا القول على طريق الاستهزاء، لا على طريق التحقيق، ولو قالوا على طريق التحقيق، لكان قولهم موافقاً لقول المؤمنين.