للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا مثل قوله تعالى في قصة شعيب: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [هود:٨٧]، فإنهم قالوا هذا على طريق الاستهزاء، لا على طريق التحقيق، وكذلك قوله تعالى في سورة يس: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ} [يس:٤٧]، وهذا إنما قالوه على طريق الاستهزاء؛ لأنه في نفسه قول حق، يوافق قول المؤمنين، كذلك هاهنا قالوا ما قالوا على طريق الاستهزاء، فلهذا أنكر الله تعالى عليهم، ورد قولهم، والدليل على أن المراد من هذا ما ذُكر من بعد وسنبين " (١)، وبيانه قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ} [النحل:٣٦]، يقول السمعاني: " معناه: فمنهم من هداه الله للإيمان، ومنهم من وجبت عليه الضلالة، وتركه في الكفر بالقضاء السابق، فهذه الآية تُبيِّن أن من آمن بمشيئة الله، وأن من كفر، كفر بمشيئة الله ". (٢)


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ١٧١
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ١٧٢

<<  <   >  >>