للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بخلاف ما يذهب إليه الإمام السمعاني؛ فهو مُثبت للحكمة والتعليل، وكلامه في هذا مستفيض، وقد ذكرت جملة منه في صفة الحكمة لله تعالى، في مبحث أسماء الله تعالى وصفاته. ومن ذلك أيضا قوله في تفسير قوله تعالى: (لَا تَدْرُونَ أَيهمْ أقرب لكم نفعا) النساء:١١، يقول:" أي: لا تعلمون أيهم أنفع لكم في الدين والدنيا. فمنهم من يظن أن الآباء تنفع فتكون الأبناء أنفع، ومنهم من يظن أن الأبناء أنفع، فتكون الأباء أنفع، وأنتم لا تعلمون، وأنا أعلم بمن هو أنفع لكم؛ وقد دبرت أمركم على ما فيه الحكمة والمصلحة، فخذوه، واتبعوه." (١)، وقال في تفسير قوله تعالى: (إِن ربكُم الله الَّذِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام) الأعراف:٥٤،:" فإن قيل: وما الحكمة في خلقها في ستة أيام، وكان قادرا على خلقها في طرفة عين؟ قيل: لأن خلقها على التأني أدل على الحكمة، فخلقها على التأني ليكون أدل على حكمته، ولطف تدبيره" (٢).

وقرّر السمعاني أن الله تعالى لا يُعاقب من يُعاقب إلا عن استحقاق بالعدل (٣)، لا كما يقول الأشاعرة من تجويز تعذيب العاصين، فقال: " ويقال: معنى قوله: {وما ربك بظلام للعبيد} أي: لا يعاقب أحدا من غير جرم " (٤)، وقال:" وقوله: {وما أنا بظلام للعبيد} أي: لا أنقص ثواب المحسنين، ولا أزيد في مجازاة المسيئين." (٥)، فأفعاله تعالى قائمة على العدل والحكمة، يقول السمعاني: " وقوله: {يدبر الأمر} التدبير من الله تعالى فعل الأشياء على ما يوجب الحكمة" (٦)، ويقول: "وقوله: {إنه علي حكيم} أي: متعال مما يصفونه (المشركون)، حكيم في جميع ما يفعله" (٧).


(١) - السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٤٠٣
(٢) - السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ١٨٨
(٣) - السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٣٤٨
(٤) - السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٥٨
(٥) - السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٢٤٤
(٦) - السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٧٦
(٧) - السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٨٨

<<  <   >  >>