للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد عَرَّف السمعاني الإيمان في الشريعة، بما عرفه به السلف، فقال:" والإيمان في الشريعة يشتمل على الاعتقاد بالقلب، والإقرار باللسان، والعمل بالأركان " (١)، وقال:" الإيمان يجمع ثلاثة أشياء: النية، والقول، والعمل " (٢). ثم رد السمعاني ـ رحمه الله ـ على من أخرج شيئاً من هذه الأركان عن الإيمان فقال عن الاعتقاد: " قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} [البقرة:٨]، " وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ " نفى الإيمان عنهم، حيث أظهروا الإسلام باللسان، ولم يعتقدوا بالجنان، وهذا دليل على من يخرج الاعتقاد من جملة الإيمان " (٣)، والاعتقاد تصديق القلب، وهو قوله، وأما أعماله فكثيرة، يقول السمعاني: " وقوله تعالى: {وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ} [ق:٣٣]، والرجل هو المنيب، لكنه أضاف إلى القلب؛ لأن الأكثر من أعمال الإيمان، يعمله المؤمن بقلبه " (٤)، وقال في تفسير قوله تعالى:" {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة:٦٢]، يعني: بالقلب مع اللسان ". (٥)

وقال ـ رحمه الله ـ راداً على المرجئة، الذين أخرجوا الأعمال من مسمى الإيمان، في تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة:١٤٣]: " أي: صلاتكم، فجعل الصلاة إيماناً، وهذا دليل على المرجئة، حيث لم يجعلوا الصلاة من الإيمان، وإنما سموا مرجئة؛ لأنهم أخروا العمل عن الإيمان. وحُكي أن أبا يوسف، شهد عند شريك بن عبدالله القاضي، فرد شهادته، قيل له: أترد شهادة يعقوب؟ فقال: كيف أقبل شهادة من يقول: إن الصلاة ليست من الإيمان ". (٦)


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٤٣
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٢٩٢
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٤٧
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٢٤٦
(٥) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٨٩
(٦) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ١٥٠ - ٢/ ٢٠٣

<<  <   >  >>