للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب الواحدي صاحب التفسير، إلى أن الكبيرة ليس لها حد يعرفها العباد به، وإلا لاقتحم الناس الصغائر واستباحوها، ولكن الله تعالى أخفى ذلك عن عباده؛ ليجتهدوا في اجتناب المنهي عنه، رجاء أن تجتنب الكبائر، ونظيره إخفاء الصلاة الوسطى، وليلة القدر، وساعة الإجابة، ونحو ذلك. (١)

والأقرب في التعريف ـ والعلم عند الله ـ ما وافق فيه السمعاني ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في أنها كل ذنب ختمه الله بنار، أو غضب، أو لعنة، أو عذاب. واختاره جمع من المحققين، كابن تيمية، وابن حجر. (٢)

والإمام السمعاني وافق جماهير السلف في انقسام المعصية، إلى صغيرة وكبيرة، وقد نَصَّ على ذلك في أكثر من موضع في تفسيره:

ـ قال في تفسير قوله تعالى: {وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ} [البقرة:٢٧١]، فيها قولان:

الأول: أن (مِنْ) صلة، والتقدير: ويكفر عنكم سيئاتكم، فعلى هذا يكون شاملاً للصغائر والكبائر، والثاني: أن (مِنْ) على التحقيق، والتكفير بالصدقات، يكون من الصغائر، فأما الكبائر، فإنما تكفرها التوبة. ثم قال: " والأول أقرب إلى أهل السنة ". (٣)

ـ وقال في تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا} [آل عمران:١٤٧]،: " رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا " أي: الصغائر، " وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا " أي: الكبائر ". (٤)

ـ وقال في تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ} [الشورى:٣٧]،: "ويُقال: كل ما أوعد الله عليه في النار، فهو من الكبائر، وأما إضافة الكبائر إلى الإثم، فيقال: إنما أضافها إليه؛ لأن في الإثم كبيرًا وصغيراً ". (٥)


(١) النووي: شرح مسلم: ٢/ ٨٢، ابن حجر الهيثمي: الزواجر: ١/ ٧
(٢) ابن تيمية: مجموع الفتاوى: ١١/ ٦٥٢، ابن حجر: فتح الباري: ١٢/ ١٨٤
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٢٧٥
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٣٦٣
(٥) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٨٠

<<  <   >  >>