للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أشار السمعاني إلى أن الخلق مقرون بالحكمة والتدبير، وكل هذه من مقتضيات ربوبية الله تعالى، فيقول في حكمة خلق السموات والأرض في ستة أيام، مع أن الله تعالى قادر على خلقها في طرفة عين: " لأن خلقها على التأني أدل على الحكمة، فخلقها على التأني؛ ليكون أدل على حكمته، ولطف تدبيره " (١).

وأشار أيضاً إلى أن التدبير يأتي بمعنى القضاء، كما في قوله تعالى: " وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ " (يونس ٣١)، " ومن يقضي الأمر " (٢).

وهل يخالف ما أشرنا إليه من تفرد الله تعالى بالملك، والخلق، والتدبير، ما أُضيف إلى بعض المخلوقات من مقتضيات هذه الأمور؟!

لا يخالف ذلك تفرد الباري جل وعلا بمقتضيات ربوبيته في خلقه، وملكه، وتدبيره، ما يُضاف إلى بعض مخلوقاته، فالله جل وعلا، يُؤتي ملكه من يشاء، كما قال تعالى: " قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ " (آل عمران ٢٦)، وقال سبحانه عن طالوت: " وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٤٧) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ " (البقرة ٢٤٧ ـ ٢٤٨)

فإن ملك البشر مقيد محدود، وملك الخالق شامل كامل تام لكل شيء في الدنيا والآخرة، ولذا يُقال يوم القيامة: " الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ " (الفرقان ٢٦)

وأشار السمعاني من نصوص السنة على ما يدل على ذلك، ففي رواية ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله يقبض الأرض، ويطوي السموات بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟ " (٣)


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ١٨٨
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٣٨١
(٣) ((أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب قوله تعالى (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، دار طوق النجاة، ط ١، ١٤٢٢ هـ ح (٤٨١٢).

<<  <   >  >>