للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال السمعاني في قوله تعالى: " يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (١٦) " (غافر ١٦): " قال ابن عباس: يقول الله تعالى هذا حين تفنى الخلائق، ولا يكون أحد يجيبه، فيجيب نفسه بنفسه، ويقول: لله الواحد القهار " (١).

ويقول في تفسير قوله تعالى: " وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَاءِي " (فصلت ٤٧)، " وفي التفسير: أن الله تعالى يقول: أين الملوك؟ أين الجبابرة؟ أين الآلهة؟، أنا الرب لا رب غيري، وأنا الله، لا إله غيري، أنا الملك، لا ملك غيري " (٢).

فملك الله تعالى تام شامل، ولذا قال: " مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ " مع أنه مالك الأيام كلها، " وخصّه لأن الأمر في القيامة يخلص له، كما قال: " وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ (١٩) " (الانفطار ١٩)، وأما في الدنيا: للملوك أمر، وللمسلمين أمر، وللأنبياء أمر " (٣)

وأما الخالقية المحضة التي يُراد بها الخلق من العدم، فهذا مما انفرد به الرب تعالى، فهو الخالق، البارئ، المصوِّر، فاطر السموات والأرض، بخلاف غيره من المخلوقات، وإن نسبت إليهم صفة الخالقية، فهي خالقية ناقصة، فيها تحويل مادة إلى مادة، مع أن خالق المادة وعملك هو الله جل في علاه.

وفي هذا يقول الإمام السمعاني: " فإن قيل: قد قال: " وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا وقال في موضع آخر: " هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ أي: لا خالق غير الله، فكيف وجه التوفيق بين الآيتين؟! والجواب عنه: أن الخلق بمعنى التقدير هاهنا " (٤).


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ١١
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٥٨
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٣٧
(٤) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ١٧٣

<<  <   >  >>