للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليست الفطرة مراداً بها المعرفة بجميع الأحكام وتفاصيلها، فهذا كل أحد يُنكره، لأن الله تعالى يقول: " وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْ‍ئًا " (النحل ٧٨).

وقد أفاض شيخ الإسلام ابن تيمية، بذكر الأدلة العقلية التي تُؤيد أن كل مولود يولد على الفطرة. (١)

والإمام السمعاني ـ رحمه الله ـ أشار في تفسيره إلى الخلاف الوارد في تفسير معنى الفطرة، وذكر أربعة أقوال: (٢)

١ ـ أنها بمعنى الدين.

٢ ـ أنها بمعنى دين الله تعالى، أي: أن الخلق يولدون على العهد الذي أخذ عليهم يوم الميثاق.

٣ ـ بمعنى على ابتداء الخلقة في علم الله مؤمناً وكافراً.

٤ ـ بمعنى الخلقة التي فُطِر عليها الإنسان في الرحم من سعادة أو شقاوة، فأبواه يهودانه، يعني في الدنيا.

والذي رجحه الإمام السمعاني: أن معنى الفطرة: هو أن الإنسان يولد على أنه متى سُئل: من خلقك؟ فيقول: الله خلقني، وهو المعرفة التي تقع في أصل الخِلقة. (٣)

ونقل عنه الإمام اسماعيل الأصبهاني في كتابه الحجة في بيان المحجة. (٤)

وفسر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " خلقت عبادي حنفاء " (٥)، بأن فيه إشارة إلى الغريزية التي هي مركبة فيهم. (٦)

وهو الذي يترجح في هذه المسألة، والله أعلم، وهو القول المحكي عن سلف الأمة، من أن الفطرة هي الإسلام والتوحيد، يدل له:


(١) ((ابن تيمية: درء تعارض العقل والنقل، جامعة الإمام محمد بن سعود، المملكة العربية السعودية، ط ٢ ـ ١٤١١ هـ (٨/ ٤٥٦)
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٢٠٩ - ٢١١
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٢١٠
(٤) ((الأصبهاني: إسماعيل بن محمد: الحجة في بيان المحجة، دار الراية، الرياض، ط ٢، ١٤١٩ هـ (٢/ ٣٩).
(٥) ((أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا، ح (٢٨٦٥).
(٦) ((الأصبهاني: الحجة في بيان المحجة، ٢/ ٤٠

<<  <   >  >>