للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الإمام ابن القيم (١): " وسمعت شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية ـ قدس الله روحه ـ يقول: كيف يطلب الدليل على من هو دليل على كل شيء. وكان كثيراً ما يتمثل بهذا البيت:

وليس يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل ". (٢)

فوجود الباري جل وعلا ثابت بطريق الفطرة، والعقل، الحس، والشرع.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " أما إثبات الصانع فطرقه لا تحصى، بل الذي عليه جمهور العلماء، أن الإقرار بالصانع فطري، وضروري مغروز في الجبلَّة ". (٣)

أما المتكلمون فقد انتهجوا طرائق وعِرَة، وسلكوا أساليب معقدة، لإثبات وجود الله تعالى، استخدموا فيها مصطلحات فلسفية، انتجت نتائج متناقضة، أدت إلى نفي ما يستحقه الرب جل وعلا من الكمالات.

فذهبوا إلى أن إثبات الباري متوقف على إثبات حدوث العالم، واحتياجه إلى محدث وهو الله تعالى، فسلكوا هذا الطريق الخفي، الذي يعتمد على إثبات الجواهر والأعراض، إمكاناً وحدوثاً. (٤)

في حين ذهب الفلاسفة مذهباً آخر، فأثبتوا وجود الله جل وعلا، عن طريق الوجوب والإمكان، فقسموا الموجود إلى واجب وممكن، ثم استدلوا بالممكن على الواجب، من حيث حدوثه بعد أن لم يكن، ومن حيث ثباته على الإمكان. (٥)


(١) ((ابن القيم: محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي، (٦٩١ هـ - ٧٥١ هـ)، تتلمذ على شيخ الإسلام ابن تيمية، برع في فنون العلم، وخط يراعه: بدائع الفوائد، وزاد المعاد وغيرهما كثير. الفاسي: الذيل على كتاب السير: ١٧/ ٦٢
(٢) ((ابن قاسم: محمد بن عبدالرحمن: المستدرك على مجموع فتاوى ابن تيمية، ط ١، ١٤١٨ هـ، (١/ ٣٣)
(٣) ((ابن تيمية: منهاج السنة النبوية، جامعة الإمام محمد بن سعود، ط ١، ١٤٠٦ هـ، (٢/ ٢٧٠)
(٤) ((الإيجي: المواقف: ٣/ ١٢
(٥) ((انظر: ابن سينا: الحسين بن عبدالله: النجاة، مطبعة السعادة، مصر، ١٣٣٠ هـ (٣٨٣).

<<  <   >  >>