للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه استدلالات عقلية مجردة، وبراهين منطقية، فلسفية، تفتقر إلى الوضوح والسهولة والبيان، مع أن القرآن الكريم جاء بما يشفي ويكفي في مثل هذه القضية، فيكفي في إثبات وجوده تعالى، ما ركبه في الفِطر، وغرسه في النفوس على الإقرار بوجوده، قال جل وعلا: " قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ " (إبراهيم ١٠)، قال السمعاني: " معناه: ليس في الله شك، وهذا استفهام بمعنى نفي ما اعتقدوه ". (١)

وقد سار الإمام السمعاني في هذا الباب على المنهج القرآني، والطريق الرباني، فقد أشار في تفسيره في أكثر من موضع، أن الله تعالى قد نصب الدلائل، وأقام البراهين، وأوضح الحجج، وبين الطرق التي تدل عليه، سواء كانت من جهة الآيات الشرعية، أو الآيات الكونية، التي تدل على وجوده سبحانه وتعالى.

ومن ذلك: يقول الإمام السمعاني عند تفسير قوله تعالى: " هَذَا بَلَاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (٥٢) " (إبراهيم ٥٢)، " وقوله: "وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ ". أي: ليستدلوا بهذه الآيات على وحدانية الله تعالى ". (٢)

وفي تفسير قوله تعالى: " لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٥٥) " (النحل ٥٥)، يقول: " قوله تعالى " لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ ". معناه: أن حاصل أمرهم هو كفرهم بما آتيناهم من النعمة. وقيل: إن النعمة هي الآيات التي أراها خلقه على وحدانيته ". (٣)

وفي تفسير قوله تعالى: " وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ " (الحجرات ٨)، يقول: " يُقال: حببه بإقامة الدلائل على وحدانيته، وهدايتهم إليها ". (٤)


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ١٠٧
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ١٢٧
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ١٧٩
(٤) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٢١٨

<<  <   >  >>