للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكل هذه الدلائل يذكرها الله تعالى، يُعدِّد بها نعمه على عباده؛ ليعترفوا به ويشكروه. (١)

فكل هذه الدلائل المُحدثة، تدل على باريها وخالقها؛ لأنها مفتقرة في وجودها وتصريفها إلى المحدث والموجد. (٢)

الطريق الثاني: دلائل الأنفس:

وقد فسَّرها الإمام السمعاني في قوله تعالى: " سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْأفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ " (فصلت ٣٥): يقول: وقوله: " وفي أنفسهم " أي: من السمع والبصر، وخلق سائر الجوارح، وجميع الحواس، وفي بعض التفاسير: أن الآيات في النفس: دخول الطعام والشراب من مكان واحد، وخروجه من مكانين. وقيل: دخول الأطعمة على ألوان كثيرة، وخروجها على لون واحد " (٣)

وقد أشار السمعاني أيضاً إلى تفسيرات أخرى للعلماء، في بيان معنى الآيات في الأنفس، ومما ذكره أن معنى الآيات في الأنفس، هي الفتوحات في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: ما أنذرهم من الوعيد والعذاب، وقيل: هي البلايا في الأجساد. (٤)

ومن الدلائل التي ذكرها السمعاني، مايعرفه المرء عن نفسه، أنه كان نطفة من ماء مهين، ثم أحياه ربه وأوجده، ثم يميته عند انتهاء أجله، ثم يحييه مرة أخرى للبعث، وفي هذا يقول السمعاني: " قوله تعالى: " كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ ": قاله تعجباً، تكفرون بالله بعد نصب الدلائل، ووضوح البراهين؟، ثم ذكر الدليل فقال: " وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا " هذا دليل، أي كنتم نطفاً في أصلاب الآباء، " فَأَحْيَاكُمْ " أي: خلقكم، " ثُمَّ يُمِيتُكُمْ " عند انتهاء الأجل، " ثُمَّ يُحْيِيكُمْ " للبعث، " ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ " إلى الله مصيركم ". (٥)


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ١٣٦
(٢) ((انظر: الرازي: مفاتيح الغيب: ٢/ ٣٣٢
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٦١
(٤) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٦١
(٥) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٦٢

<<  <   >  >>