(مَا لشهيد بَين أرماحكم ... شلت يدا وَحشِي من قَاتل)
وَالله أعلم.
وَقتل ابْن قمئة اللَّيْثِيّ مُصعب بن عُمَيْر حَامِل لِوَاء رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأعْطى النَّبِي عليا رَضِي اللَّهِ عَنهُ وَانْهَزَمَ الْمُشْركُونَ فطمعت الرُّمَاة فِي الْغَنِيمَة وفارقوا مكانهم الَّذِي أَمرهم النَّبِي بِهِ فَأتى خَالِد مَعَ خيل الْمُشْركُونَ من خلف وَوَقع الصَّارِخ أَن مُحَمَّدًا قتل وانكشف الْمُسلمُونَ فَقتل من الْمُسلمين سَبْعُونَ وَمن الْمُشْركين اثْنَان وَعِشْرُونَ وأصابت حِجَارَة الْمُشْركين رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى وَقع وَأُصِيبَتْ رباعيته وشج وَجهه وكملت شفته وَالَّذِي أَصَابَهُ عتبَة بن ابي وَقاص أَخُو سعد وسال الدَّم على وَجهه وَهُوَ يَقُول: " كَيفَ يفلح قوم خضبوا وَجه نَبِيّهم وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى رَبهم " فَنزل قَوْله تَعَالَى {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء أَو يَتُوب عَلَيْهِم أَو يعذبهم فَإِنَّهُم ظَالِمُونَ} وَدخلت حلقتان من المغفر فِي وَجه رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الشَّجَّة وَنزع أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح إِحْدَى الحلقتين من وجهة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَقَطت ثنية أبي عُبَيْدَة الْوَاحِدَة.
ثمَّ نزع الْأُخْرَى فَسَقَطت ثنيته الْأُخْرَى ومص سِنَان أَبُو أبي سعيد الْخُدْرِيّ الدَّم من وَجهه وازدرده فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من مس دمي دَمه لم تصبه النَّار " وأًصابت طَلْحَة يَوْمئِذٍ ضَرْبَة فشلت يَده وَهُوَ يدافع عَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَظَاهر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمئِذٍ بَين درعين ومثلث هِنْد وصواحبها بالقتلى من الْمُسلمين فجدعن الآذان والأنوف واتخذن مِنْهَا قلائد وبقرت هِنْد عَن كبد حَمْزَة ولاكتها قلم تسغها وَضرب زَوجهَا أَبُو سُفْيَان برمحه شدق حَمْزَة وَصعد الْجَبَل وصرخ بِأَعْلَى صَوته الْحَرْب سِجَال يَوْم بِيَوْم بدر اعْل هُبل.
وَلما انْصَرف أَبُو سُفْيَان وَمن مَعَه نَادَى إِن مَوْعدكُمْ الْعَام الْقَابِل فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لوَاحِد قل هُوَ بَيْننَا وَبَيْنك ثمَّ سَار الْمُشْركُونَ إِلَى مَكَّة فالتمس - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَمْزَة فَوَجَدَهُ وَقد بقر بَطْنه وجدع أَنفه وأذناه فَقَالَ لَئِن أظهرني اللَّهِ على قُرَيْش لامثلن بِثَلَاثِينَ مِنْهُم ثمَّ قَالَ: " جَاءَنِي جِبْرِيل فَأَخْبرنِي أَن حَمْزَة مَكْتُوب فِي أهل السَّمَوَات السَّبع حَمْزَة بن عبد الْمطلب أَسد اللَّهِ وَأسد رَسُوله ".
ثمَّ أَمر بِحَمْزَة فسجي بِبرْدِهِ ثمَّ صلى عَلَيْهِ فَكبر سبعا ثمَّ أَتَى بالقتلى يوضعون إِلَى حَمْزَة فَيصَلي عَلَيْهِم وَعَلِيهِ مَعَهم حَتَّى صلى عَلَيْهِ اثْنَتَيْنِ وَسبعين صَلَاة. قَالَ الْمُؤلف رَحمَه اللَّهِ: وَهَذَا دَلِيل لأبي حنيفَة فِي الصَّلَاة على الشَّهِيد خلافًا للشَّافِعِيّ
قلت: تمسك الشَّافِعِي بِمَا روى جَابر وَأنس أَنه قتل من الصَّحَابَة يَوْم أحد اثْنَان وَسَبْعُونَ قَتِيلا فَأَمرهمْ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن تنْزع عَنْهُم الْجُلُود وَالْفراء وَالْحَدِيد وَأَن يدفنوا بثيابهم وَدِمَائِهِمْ وَلم يغسلوا وَلم يصل عَلَيْهِم وَالله أعلم.
ثمَّ أمره بِحَمْزَة فَدفن رَضِي اللَّهِ عَنهُ وَاحْتمل نَاس من الْمُسلمين قتلاهم إِلَى الْمَدِينَة فدفنوهم بهَا ثمَّ نهى عَن مثله وَقَالَ ادفنوهم حَيْثُ صرعوا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute