للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمَّ استولى الْكَامِل على دمشق وَعوض النَّاصِر دَاوُد عَنْهَا بالكرك والبلقاء والصلت والأغوار والشوبك، وَأخذ الْكَامِل لنَفسِهِ الْبِلَاد الشرقية الَّتِي عينت للناصر وَهِي حران والرها وَغَيرهمَا الَّتِي كَانَت بيد الْأَشْرَف، وَأَعْطَاهُ دمشق.

وفيهَا: توفّي الْملك المسعود بن الْكَامِل بن الْعَادِل الْمَعْرُوف بأقسيس صَاحب الْيمن مرض بهَا، وَسَار إِلَى مَكَّة وَهِي لَهُ، فَمَاتَ وَدفن بالمعلاة وعمره سِتّ وَعِشْرُونَ سنة، وَملكه أَربع عشرَة سنة، وَبلغ ذَلِك أَبَاهُ وَهُوَ محاصر دمشق فَجَلَسَ للعزاء وَترك المسعود ابْنا صَغِيرا اسْمه يُوسُف بَقِي حَتَّى مَاتَ فِي سلطنة عَمه الصَّالح أَيُّوب صَاحب مصر وَترك ابْنه مُوسَى ولقب بالأشرف وَهُوَ الَّذِي أَقَامَهُ التّرْك فِي ملك مصر بعد قتل الْمُعظم بن الصَّالح بن الْكَامِل كَمَا سَيَأْتِي.

وفيهَا: أرسل الْأَشْرَف مَمْلُوكه الْأَمِير عز الدّين أيبك الأشرفي إِلَى خلاط فَقبض على عَليّ الْحَاجِب على الْموصل وَقَتله، وَهَذَا الْحَاجِب حسام الدّين عَليّ بنى الخان الَّذِي بَين حران ونصيبين والخان الَّذِي بَين حمص ودمشق الْمَعْرُوف بخان بربخ الْعَطش وهرب للحاجب مَمْلُوك لما قتل وَلحق بِجلَال الدّين فَلَمَّا ملك جلال الدّين خلاط سلم أَبِيك إِلَيْهِ فَقتله بأستاذه.

ذكر ملك المظفر مَحْمُود بن الْمَنْصُور مُحَمَّد لحماه

وَلما سلم الْكَامِل دمشق إِلَى الْأَشْرَف أَخِيه قدم إِلَى سلمية، ونازل عسكره حماه وَبهَا الْملك النَّاصِر قلج أرسلان فَأرْسل النَّاصِر يَقُول لشيركوه وَهُوَ على حماه أَيْضا: إِنِّي أُرِيد أَن أخرج إِلَيْك بِاللَّيْلِ لتحضرني عِنْد السُّلْطَان الْملك الْكَامِل وَخرج إِلَى شيركوه فِي رَمَضَان مِنْهَا فَمضى بِهِ إِلَى الْكَامِل سلمية فشتمه وَأمر باعتقاله وأسره، فَكتب النَّاصِر علامته إِلَى نوابه بحماه ليسلموها إِلَى عَسْكَر الْكَامِل، فَامْتنعَ من ذَلِك الطواشيان مُرْسل وَبشير المنصوريان.

وَكَانَ الْمعز أَخُو النَّاصِر الْمَذْكُورَة بقلعة حماه فملكوه وَقَالُوا: لَا نسلم حماه لغير أَوْلَاد تَقِيّ الدّين، فَأرْسل الْكَامِل يَقُول للمظفر بن الْملك الْمَنْصُور صَاحب حماه اتّفق مَعَ غلْمَان أيبك وتسلم حماه فراسلهم المظفر فحلفوه لَهُم وحلفوا لَهُ وواعدوه أَن يحضر بجماعته خَاصَّة وَقت السحر، فَفعل ففتحوا لَهُ بَاب النَّصْر فَدخل المظفر وَمضى إِلَى دَار الْوَزير الْمَعْرُوفَة بدار الأكرم دَاخل بَاب المغار وَهِي الْآن مدرسة تعرف بالخاتونية وقفتها مؤنسة خاتون بنت الْملك المظفر الْمَذْكُور، وهنىء بِالْملكِ وَذَلِكَ فِي أَوَاخِر رَمَضَان مِنْهَا، وَمُدَّة النَّاصِر قلج أرسلان بحماه نَحْو تسع سِنِين وَصعد المظفر فِي الثَّالِث إِلَى القلعة وعمره يَوْمئِذٍ نَحْو سبع وَعشْرين سنة، وَأَخُوهُ النَّاصِر أَصْغَر مِنْهُ بِسنة، وفوض المظفر أَمر حماه إِلَى سيف الدّين عَليّ بن أبي عَليّ الميزباني، وَكَانَ يَقُول لَهُ: أشتهي أَن أَرَاك صَاحب حماه وأكون بِعَين وَاحِدَة فأصيبت عينه عَليّ حِصَار حماة فحظى عِنْد المظفر لذَلِك ولحسن

<<  <  ج: ص:  >  >>