وبويع الْقَادِر بِاللَّه أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن الْأمين إِسْحَاق بن المقتدر بن المعتضد وَهُوَ خَامِس عشرهم بالخلافة وخطب لَهُ ثَالِث عشر رَمَضَان، وَلما خلع الْمُطِيع كَانَ قَادر بالبطيحة كَمَا تقدم فَأرْسل إِلَيْهِ بهاء الدولة خَواص أَصْحَابه ليحضره وَخرج بهاء الدولة والأعيان لملتقاه وَدخل دَار الْخلَافَة ثَانِي عشر رَمَضَان وَلما توجه من البطيحة من عِنْد ممهد الدولة حمل إِلَيْهِ مهذب الدولة أَمْوَالًا كَثِيرَة.
وفيهَا: سَار بكجور الْمخْرج من دمشق إِلَى الرقة كَمَا ذكرنَا إِلَى قتال سعد الدولة بن سيف الدولة بحلب واقتتلا شَدِيدا وهرب بكجور وَأَصْحَابه ثمَّ أسر بكجور وَحمل إِلَى سعد الدولة فَقتله وَلَقي بكجور عَاقِبَة بغية على مَوْلَاهُ، ثمَّ سَار سعد الدولة إِلَى الرقة وَبهَا أَوْلَاد بكجور وأمواله فحصرها، فاستأمنوا فَأَمنَهُمْ وَحلف أَن لَا يتَعَرَّض إِلَيْهِم وَلَا إِلَى مَالهم، وسلموا إِلَيْهِ الرقة فغدر بهم وَقبض على أَوْلَاد بكجور وَأخذ مَالهم الْكثير.
وَعَاد سعد الدولة إِلَى حلب فَلحقه فالج فِي جَانِبه الْيَمين، فأحضر الطَّبِيب وَمد إِلَيْهِ يَده الْيُسْرَى فَقَالَ الطَّبِيب: يَا مَوْلَانَا هَات الْيُمْنَى، فَقَالَ سعد الدولة: مَا تركت لي الْيَمين يَمِينا، وَمَات بعد ثَلَاثَة أَيَّام فِي هَذِه السّنة وعهد إِلَى وَلَده أبي الْفضل وَجعل مَوْلَاهُ لُؤْلُؤ يدبر أمره.
وفيهَا: نَازل بسيل ملك الرّوم حمص فَفَتحهَا ونهبها، ثمَّ نهب شيزر، ثمَّ حصر طرابلس مُدَّة وَعَاد إِلَى الرّوم.
قلت: وفيهَا جَاءَت زَلْزَلَة عَظِيمَة بِدِمَشْق هدمت دورا كَثِيرَة على أَهلهَا وَسَقَطت قَرْيَة دومة وَهلك جَمِيع أَهلهَا فِيمَا ذكر وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْنِ ثَمَانِينَ وثلثمائة: فِيهَا شغب الْجند على بهاء الدولة بِسَبَب اسْتِيلَاء أبي الْحسن بن الْمعلم على الْأُمُور، فَسلم ابْن الْمعلم للجند فَقَتَلُوهُ.