كَطُولِهِ سابغه كأنعمه حَالية كذكرها جميلَة كَفِعْلِهِ وَاسِعَة كصدره نقية كعرضه رفيعة كقدره.
وَأول القصيدة:
(بِأبي من ذبت فِي الْحبّ لَهُ شوقاً وصبوة ... )
وَالله أعلم.
ومولده ابْن التعاويذي سنة تسع عشرَة وَخَمْسمِائة.
ثمَّ دخلت سنة خمس وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة: فِيهَا نزل السُّلْطَان بمرج عُيُون وَحضر إِلَيْهِ صَاحب شقيف أريون فخادعه ثمَّ أمْسكهُ وحبسه فِي دمشق.
حِصَار عكا
اجْتمع بصور أهل الْبِلَاد الَّتِي أَخذهَا السُّلْطَان بالأمان فَكثر جمعهم حَتَّى صَارُوا لَا يُحصونَ، وَأَرْسلُوا إِلَى الْبَحْر يَبْكُونَ ويستنجدون وصوروا صُورَة الْمَسِيح وَصُورَة عَرَبِيّ يضْرب الْمَسِيح وَقد أدماه، وَقَالُوا هَذَا نَبِي الْعَرَب يضْرب الْمَسِيح فَخرجت النِّسَاء من بُيُوتهنَّ وَوصل فِي الْبَحْر إفرنج لَا يُحصونَ كَثْرَة، ونازلوا عكا فِي منتصف رَجَب مِنْهَا وَأَحَاطُوا بهَا من الْبَحْر إِلَى الْبَحْر وَلم يبْق للْمُسلمين إِلَيْهَا طَرِيق فَسَار السُّلْطَان وقاربهم وَقَاتلهمْ فِي مستهل شعْبَان وَبَاتُوا على ذَلِك، وَأَصْبحُوا، فَحمل تَقِيّ الدّين صَاحب حماه من ميمنة السُّلْطَان فأزالهم عَن موقفهم والتصق بالسور، وَانْفَتح الطَّرِيق إِلَى الْمَدِينَة يدْخل الْمُسلمُونَ وَيخرجُونَ وَأدْخل السُّلْطَان إِلَى عكا عسكراً نجدة مِنْهُم أَبُو الهيجاء السمين، وعاودوا الْقِتَال وراوحوه إِلَى الْعشْرين من شعْبَان، ثمَّ كَانَت الْوَقْعَة الْعَظِيمَة، وَحمل الفرنج على الْقلب فأزالوه وَقتلُوا حَتَّى بلغُوا خيمة السُّلْطَان، وانحاز السُّلْطَان إِلَى جَانب وانضاف إِلَيْهِ جمَاعَة، وَانْقطع مدد الفرنج، وَاشْتَغلُوا بِقِتَال الميمنة فَحمل السُّلْطَان الَّذين خرقوا الْقلب وانعطف عَلَيْهِم الْعَسْكَر فأفنوهم، فَكَانَت قتلاهم نَحْو عشرَة آلَاف إفرنجي، وَوصل المنهزمون من الْمُسلمين إِلَى طبرية وَإِلَى دمشق، وجافت الأَرْض بعد هَذِه الْوَقْعَة، وَمرض السُّلْطَان، وَحدث لَهُ قولنج، فانتقل من ذَلِك الْموضع، ورحل عَن عكا رَابِع عشر رَمَضَان إِلَى الخروبة فانبسط الفرنج فِي تِلْكَ الأَرْض وتمكنوا من عكا، وَوصل اسطول الْمُسلمين فِي الْبَحْر مَعَ حسام الدّين لُؤْلُؤ فَأخذ بطسة كَبِيرَة للفرنج، فَقَوِيت الْقُلُوب وَدخل بهَا عكا وَوصل الْعَادِل بعسكر مصر فازدادت الْقُلُوب قُوَّة.
وفيهَا: توفّي بالخروبة الفقية عِيسَى من أَعْيَان عَسْكَر السُّلْطَان؛ فَقِيه جندي شُجَاع من أَصْحَاب الشَّيْخ أبي الْقَاسِم البرزي.
وفيهَا: توفّي مُحَمَّد بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن فَايِد موفق الدّين الإربلي الشَّاعِر من أعلم النَّاس بالعروض والعربية وَنقد الشّعْر وَحل كتاب إقليدس، وَهُوَ شيخ أبي البركات بن المستوفي صَاحب تَارِيخ إربل، أَقَامَ بِشَهْر زور، ثمَّ بِدِمَشْق، ومدح صَلَاح الدّين، ومدح زين الدّين يُوسُف صَاحب إربل بقوله من قصيدة:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute