يزِيد بن مُعَاوِيَة وَإِمَّا أَن يُمكن أَن يلْحق بالثغور، فَكتب عَمْرو إِلَى ابْن زِيَاد يسْأَل أَن يُجَاب الْحُسَيْن إِلَى أحد هَذِه الْأُمُور فَقَالَ ابْن زِيَاد: لَا وَلَا كَرَامَة، وَأرْسل مَعَ شمر بن ذِي الجوشن إِلَى عَمْرو بن سعد: إِمَّا أَن تقَاتل الْحُسَيْن وتقتله وتوطىء الْخَيل جثته، وَإِمَّا أَن تَعْتَزِل وَيكون على الْجَيْش شمر فَقَالَ عَمْرو بن سعد: بل أقاتله.
ونهض عَشِيَّة الْخَمِيس تَاسِع الْمحرم مِنْهَا وَالْحُسَيْن أَمَام بَيته بعد صَلَاة الْعَصْر فَلَمَّا قرب الْجَيْش مِنْهُ سَأَلَهُمْ مَعَ أَخِيه الْعَبَّاس أَن يمهلوه إِلَى الْغَد وَأَنه يُجِيبهُمْ إِلَى مَا يختارونه فَأَجَابُوهُ فَقَالَ الْحُسَيْن لأَصْحَابه: إِنِّي قد أَذِنت لكم فَانْطَلقُوا فِي هَذَا اللَّيْل وَتَفَرَّقُوا فِي سوادكم ومدائنكم، فَقَالَ أَخُوهُ الْعَبَّاس: لَا نَفْعل ذَلِك لنبقى بعْدك لَا أرانا اللَّهِ ذَلِك أبدا، ثمَّ تكلم إخْوَته وَبَنُو أَخِيه وَبَنُو عبد اللَّهِ بن جَعْفَر نَحْو ذَلِك وَبَات الْحُسَيْن وَأَصْحَابه يصلونَ اللَّيْل كُله وَيدعونَ.
فَلَمَّا أَصْبحُوا ركب عَمْرو بن سعد فِي أَصْحَابه، وَذَلِكَ يَوْم عَاشُورَاء مِنْهَا وعبء الْحُسَيْن أَصْحَابه، وهم اثْنَان وَثَلَاثُونَ فَارِسًا وَأَرْبَعُونَ رَاجِلا
ثمَّ حملُوا على الْحُسَيْن وَأَصْحَابه وَاسْتمرّ الْقِتَال إِلَى وَقت الظّهْر فصلى الْحُسَيْن وَأَصْحَابه صَلَاة الْخَوْف وَاشْتَدَّ بالحسين الْعَطش فَتقدم ليشْرب فَرمى بِسَهْم فَوَقع فِي فَمه، ونادى شمر: وَيحكم مَا تنتظرون بِالرجلِ اقْتُلُوهُ، فَضَربهُ زرْعَة بن شريك على كتفه، وضربه آخر على عاتقة، وطعنه سِنَان بن أنس النَّخعِيّ بِالرُّمْحِ، فَوَقع فَنزل إِلَيْهِ فذبحه واحتز رَأسه، وَقيل بل شمر احتز رَأسه، وَجَاء بِهِ إِلَى عَمْرو بن سعد فَأمر عَمْرو جمَاعَة فوطئوا صدر الْحُسَيْن وظهره بخيولهم ثمَّ بعث بالرؤوس وَالنِّسَاء والأطفال إِلَى عبيد اللَّهِ بن زِيَاد فَجعل ابْن زِيَاد يقرع فَم الْحُسَيْن بقضيب، فَقَالَ لَهُ زيد بن أَرقم: ارْفَعْ هَذَا الْقَضِيب فوالذي لَا إِلَه غَيره لقد رَأَيْت شفتي رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على هَاتين الشفتين، ثمَّ بَكَى وَرُوِيَ إِنَّه قتل مَعَ الْحُسَيْن من أَوْلَاد عَليّ أَرْبَعَة هم الْعَبَّاس، وجعفر، وَمُحَمّد، وَأَبُو بكر، وَمن أَوْلَاد الْحُسَيْن أَرْبَعَة وَقتل عدَّة من اولاد عبد اللَّهِ بن جَعْفَر، وَمن أَوْلَاد عقيل ثمَّ بعث ابْن زِيَاد بالرؤوس وبالنساء والأطفال إِلَى يزِيد بن مُعَاوِيَة فَوضع يزِيد رَأس الْحُسَيْن بَين يَدَيْهِ واستحضر النِّسَاء والأطفال.
ثمَّ أَمر النُّعْمَان بن بشير أَن يجهزهم بِمَا يصلحهم وَأَن يبْعَث مَعَهم أَمينا ويوصلهم إِلَى الْمَدِينَة وَلما وصلوا الْمَدِينَة لَقِيَهُمْ نسَاء بني هَاشم حاسرات وفيهن ابْنة عقيل بن أبي طَالب وَهِي تبْكي وَتقول:
(مَاذَا تَقولُونَ إِن قَالَ النَّبِي لكم ... مَاذَا فَعلْتُمْ وَأَنْتُم آخر الْأُمَم)
(بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي ... مِنْهُم أُسَارَى وصرعى ضرجوا بِدَم)
(مَا كَانَ هَذَا جزائي إِذْ نصحت لم ... أَن تخلفوني بِسوء فِي ذَوي رحمي)
قلت: وَمِمَّا قلت فِي ذَلِك مضمنا عجز بَيت من الحماسة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute