(أميرنا يرتشي وحاكمنا ... يلوط وَالرَّأْس شَرّ مَا راس)
(لَا أَحسب الْجور يَنْقَضِي وعَلى الْأمة ... وَآل من آل عَبَّاس)
وأكثم - بِالْمُثَلثَةِ والمثناة فَوق - الْعَظِيم الْبَطن والشعبان.
ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا سَار المتَوَكل إِلَى دمشق.
وفيهَا: مَاتَ إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس بن مُحَمَّد بن صول الصولي.
وفيهَا: مَاتَ الْحَارِث المحاسبي بن أَسد الزَّاهِد، وهجره أَحْمد بن حَنْبَل لأجل علم الْكَلَام فاختفى لتعصب الْعَامَّة لِأَحْمَد، وَلم يصل عَلَيْهِ غير أَرْبَعَة أنفس.
قلت: المحاسبي - بِضَم الْمِيم - وَهُوَ مِمَّن اجْتمع لَهُ علم الْبَاطِن وَالظَّاهِر وَله كتب فِي الْأُصُول والزهد مِنْهَا: كتاب الرِّعَايَة، ترك أَبوهُ سبعين ألف دِرْهَم فَلم يَأْخُذ مِنْهَا شَيْئا وَهُوَ مُحْتَاج إِلَى دِرْهَم لكَون أَبِيه قدريا، وَقَالَ: صحت الرِّوَايَة عَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَنه لَا يتوارث أهل ملتين وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا دخل المتَوَكل دمشق وعزم على الْمقَام بهَا وَنقل دواوين الْملك إِلَيْهَا، فَقَالَ يزِيد بن مُحَمَّد المهلبي:
(أَظن الشَّام تشمت بالعراق ... إِذا عزم الإِمَام على انطلاق)
(فَإِن تدع الْعرَاق وساكنيه ... فقد تبلى المليحة بِالطَّلَاق)
ثمَّ استوبأ دمشق واستثقل ماءها، فعاود سر مرا بعد شَهْرَيْن وَعشرَة أَيَّام.
وفيهَا: نفى المتَوَكل بختيشوع إِلَى الْبَحْرين وَقبض مَاله، وَقتل أَبَا يُوسُف يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن السّكيت مُصَنف إصْلَاح الْمنطق، قَالَ: لَهُ، أَيّمَا أحب إِلَيْك ابناي المعتز والمؤيد أم الْحسن وَالْحُسَيْن؟ فغض ابْن السّكيت من ابنيه وَذكر من الْحسن وَالْحُسَيْن مَا هما أَهله، فداسوا بَطْنه وَحمل إِلَى دَاره فَمَاتَ، وَقيل: قَالَ: إِن قنبر خَادِم عَليّ خير مِنْك وَمن ابنيك، فَسَلُوا لِسَانه من قَفاهُ، وعمره ثَمَان وَخَمْسُونَ. والسكيت - بِكَسْر السِّين وَتَشْديد الْكَاف - كثير السُّكُوت.
ثمَّ دخلت سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ: فِي ذِي الْقعدَة مِنْهَا: توفّي ذُو النُّون الْمصْرِيّ، وَأَبُو الْحُسَيْن بن عَليّ الكرابيس صَاحب الشَّافِعِي.
قلت: وفيهَا زلزل الشَّام عَظِيما فِي شباط وَسَقَطت من ذَلِك كَنِيسَة حناك الْكَبِيرَة وَغَيرهَا، وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا تحول المتَوَكل إِلَى الْجَعْفَرِي وَبَدَأَ عِمَارَته سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ، كَانَ مَوْضِعه يُسمى الماخورة.
وفيهَا: توفّي دعبل بن عَليّ الْخُزَاعِيّ الشَّاعِر، ومولده سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَة وَكَانَ يتشيع.