حَتَّى تعظم رَغْبَة النَّاس إِلَيْهِ، وَذكره ببني أُميَّة وَمَا جَمَعُوهُ فَمَا أغْنى عَنْهُم حِين أَرَادَ اللَّهِ بهم مَا أَرَادَ. وَهَذِه خُلَاصَة الموعظة.
أَوْلَاده هم: الْمهْدي مُحَمَّد وجعفر الْأَكْبَر مَاتَ فِي حَيَاة الْمَنْصُور وَسليمَان وَعِيسَى وَيَعْقُوب وجعفر الْأَصْغَر وَصَالح الْمُسلمين، وَكَانَ الْمَنْصُور من احسن النَّاس خلقا فِي الْخلْوَة حَتَّى يخرج إِلَى النَّاس.
(أَخْبَار الْمهْدي بن الْمَنْصُور)
وَوصل إِلَى الْمهْدي الْخَبَر بالبيعة لَهُ وَهُوَ ثالثهم منتصف ذِي الْحجَّة، وَوصل القاصد من مَكَّة إِلَى بَغْدَاد فِي أحد عشر يَوْمًا.
ثمَّ دخلت سنة تسع وَخمسين وَمِائَة وَسنة سِتِّينَ وَمِائَة: وفيهَا: رد الْمهْدي نسب آل زِيَاد إِلَى عبيد الرُّومِي فِي ثَقِيف وأخرجهم من قُرَيْش وَالْعرب وأبطل استلحاق مُعَاوِيَة
وفيهَا: حج الْمهْدي وَفرق أَمْوَالًا ووسع مَسْجِد رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَحمل الثَّلج إِلَى مَكَّة.
وفيهَا: مَاتَ دَاوُد الطَّائِي الزَّاهِد من أَصْحَاب أبي حنيفَة، وَعبد الرَّحْمَن بن عبد اللَّهِ بن عتبَة المَسْعُودِيّ، والخليل بن أَحْمد الْبَصْرِيّ استاذ سِيبَوَيْهٍ.
ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَة: فِيهِ: أَمر الْمهْدي باتخاذ المصانع فِي طَرِيق مَكَّة وتجديد الأميال والبرك وحفر الركايا وتقصير المنابر إِلَى مِقْدَار مِنْبَر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وفيهَا: جعل الْمهْدي يحيى بن خَالِد بن برمك مَعَ ابْنه هَارُون، وَأَبَان بن صَدَقَة مَعَ الْهَادِي.
وفيهَا: توفّي سُفْيَان الثَّوْريّ، ومولده سنة سبع وَتِسْعين. وَإِبْرَاهِيم بن أدهم بن مَنْصُور الزَّاهِد من بكر بن وَائِل، ولد ببلخ ورابط بِالشَّام، سَأَلَهُ إِبْرَاهِيم بن يسَار عَن بَدْء أمره وألح عَلَيْهِ فَقَالَ: كَانَ أبي من مُلُوك خُرَاسَان وَكَانَ قد حبب إِلَيّ الصَّيْد، فَبينا أَنا رَاكب فرسا وكلبي معي إِذْ تحركت على صيد فَسمِعت نِدَاء من ورائي: يَا إِبْرَاهِيم لَيْسَ لهَذَا خلقت وَلَا بِهَذَا أمرت، فوقفت مقشعرا أنظر يمنة ويسرة فَلم أر أحدا فَقلت: لعن اللَّهِ إِبْلِيس، ثمَّ حركت فرسي فَسمِعت من قربوس سرجي: يَا إِبْرَاهِيم لَيْسَ لهَذَا خلقت وَلَا بِهَذَا أمرت، فوقفت وَقلت: هَيْهَات جَاءَنِي النذير من رب الْعَالمين وَالله لَا عصيت رَبِّي فتوجهت إِلَى أَهلِي وَجئْت إِلَى بعض رعاء أبي فَأخذت جبته وكساه وألقيت إِلَيْهِ ثِيَابِي، ثمَّ سرت حَتَّى صرت إِلَى الْعرَاق، ثمَّ صرت إِلَى الشَّام، ثمَّ قدمت إِلَى طرطوس فاستأجرني شخص ناظورا لبستان، فَمَكثت فِي الْبُسْتَان أَيَّامًا كَثِيرَة فَلَمَّا اشتهرت اختفيت وهربت من النَّاس؛ كَانَ يَأْكُل من عمل يَده كالحصاد وَالْعَمَل فِي الطين وَحفظ الْبَسَاتِين.
ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَة: وَفِي الأَصْل هُنَا سَهْو، وَكَذَا فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَة سَهْو فِي الأَصْل أَيْضا.