(قوض خيامك عَن أَرض تضام بهَا ... وجانب الذل أَن الذل يجْتَنب)
(وارحل إِذا كَانَ فِي الأوطان منقصة ... فالمندل الرطب فِي أوطانه حطب)
ثمَّ دخلت سنة أَربع وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا تزوج طغرلبك بنت الْخَلِيفَة الْقَائِم وَكَانَ العقد فِي شعْبَان بِظَاهِر تبريز، توكل فِي تَزْوِيجهَا عَن أَبِيهَا عميد الْملك.
وفيهَا: استوزر الْقَائِم فَخر الدولة أَبَا نصر بن جهير.
وفيهَا: توفّي القَاضِي أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سَلامَة بن جَعْفَر الْقُضَاعِي الْفَقِيه الشَّافِعِي صَاحب كتاب الشهَاب وَكتاب الأنباء عَن الْأَنْبِيَاء وتواريخ الْخُلَفَاء وَكتاب خطط مصر، قضى بِمصْر عَن العلويين وأرسلوه إِلَى الرّوم، وقضاعة من حمير وَقيل: هُوَ معد بن عدنان.
قلت: وفيهَا عمر الْمُسلمُونَ حصن المرقب بساحل جبلة وباعوه للروم بِمَال عَظِيم وقبضوه، وَجَاء من الرّوم نَحْو من ثلثمِائة رجل ليتسلموه فَقتلُوا مِنْهُم وأسروا البَاقِينَ وفدوهم بِمَال كثير، وَكَانَ بَيْعه للروم حِيلَة نصبها الْمُسلمُونَ فتمت وَللَّه الْحَمد.
وفيهَا: جَاءَت يرقة وتبعتها صَيْحَة سقط لَهَا النَّاس لوجوههم، وَمَاتَتْ بهَا طيور كَثِيرَة بالمعرة.
وفيهَا: هم أهل معرة النُّعْمَان فِي عمل السُّور عَلَيْهَا ونصبوا عَلَيْهِ المناجيق والعجل يجر الْحِجَارَة وَالْجمال تحمل من شبيث وَغَيره، وَكَانَ الْأَمِير أَبُو الْمَاضِي خَليفَة بن جهان ينْفق عَلَيْهِ من مَاله وجاهه حَتَّى كمل فِي شهور سنة خمس وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة وَالله أعلم.
أَخْبَار الْيمن من تَارِيخ عمَارَة
ثمَّ دخلت سنة خمس وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة فِيهَا: تَكَامل الْيمن لعَلي بن القَاضِي مُحَمَّد بن عَليّ الصليحي، وَكَانَ القَاضِي مُحَمَّد سنياً مُطَاعًا فِي رجال حزاز وهم أَرْبَعُونَ ألفا، فتعلم ابْنه على التَّشَيُّع وَأخذ أسرار الدعْوَة من عَامر بن عبد الله الرواحي الْيَمَانِيّ أكبر دعاة الْمُسْتَنْصر خَليفَة مصر وَصَارَ عَليّ بن مُحَمَّد دَلِيلا لحجاج الْيمن على طَرِيق الطَّائِف وبلاد السرو وَبَقِي كَذَلِك سِنِين.
وَفِي سنة تسع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة ثار بستين رجلا وَصعد إِلَى رَأس مشار أَعلَى ذرْوَة من جبال حران، واستفحل أمره شَيْئا فَشَيْئًا حَتَّى كمل لَهُ ملك الْيمن فِي هَذِه السّنة، فولى على زبيد أسعد بن شهَاب بن عَليّ الصليحي أَخا زَوجته أَسمَاء وَابْن عَمه، وَبَقِي عَليّ مَالِكًا لليمن حَتَّى حج فقصده بَنو نجاح وقتلوه بَغْتَة هجماً فِي قَرْيَة أم الدهيم وبئر أم معبد فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة فَحِينَئِذٍ اسْتَقَرَّتْ التهائم لبني نجاح، وَصَنْعَاء لِأَحْمَد بن عَليّ الصليحي الْمَذْكُور الْملك المكرم.
ثمَّ جمع المكرم الْعَرَب وَقصد سعيد بن نجاح بزبيد وقاتله وهزمه إِلَى جِهَة دهلك،