للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وطالت مدَّته وأسن، وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسبعين وثلثمائة.

وَخلف أَبُو الْحَبَش طفْلا قيل اسْمه زِيَاد تولته أُخْته هِنْد بنت أبي الْحَبَش وَتَوَلَّى مَعهَا رشد عبد أبي الْحَبَش وَبَقِي رشد على ولَايَته حَتَّى مَاتَ، فَتَوَلّى عَبده حُسَيْن بن سَلامَة بعد رشد، وسلامة الْمَذْكُورَة هِيَ أم حُسَيْن، وَنَشَأ حُسَيْن حازما عفيفا وَصَارَ وزيرا لهِنْد ولأخيها الْمَذْكُور حَتَّى مَاتَا.

ثمَّ انْتقل ملك الْيمن إِلَى طِفْل من آل زِيَاد وَقَامَت بأَمْره عمته وَعبد لحسين بن سَلامَة اسْمه مرجان.

وَكَانَ لمرجان عَبْدَانِ قد تغلبا على أُمُوره قيس ونجاح، ونجاح جد مُلُوك زبيد، فتنافس قيس ونجاح على الوزارة وَكَانَ قيس عسوفا ونجاح رؤوفا، وسيدهما مرجان يمِيل مَعَ قيس على نجاح، وعمة الطِّفْل تميل إِلَى نجاح، فَشَكا ذَلِك قيس إِلَى مَوْلَاهُ مرجان فَقبض مرجان على الْملك واسْمه إِبْرَاهِيم، وَقيل عبد اللَّهِ وعَلى عمته وسلمهما إِلَى قيس فَبنى عَلَيْهِمَا جدارا وختمه حَتَّى مَاتَا، وَإِبْرَاهِيم آخر مُلُوك الْيمن من بني زِيَاد، وَمُدَّة ملك بني زِيَاد الْيمن مِائَتَان وَأَرْبع سِنِين، وانتقل ملكهم إِلَى عبيد عبيدهم لِأَن الْملك صَار لنجاح.

وَلما قتل قيس إِبْرَاهِيم وَعَمَّته عظم ذَلِك على نجاح فاستنفر الْأسود والأحمر وَقصد قيسا فِي زبيد وَجَرت بَينهمَا حروب آخرهَا أَن قيسا قتل على بَاب زبيد وَفتحهَا نجاح فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة، وَقَالَ نجاح لسَيِّده مرجان: مَا فعلت بمواليك وموالينا؟ قَالَ: هم فِي ذَلِك الْجِدَار، فَأخْرج نجاح إِبْرَاهِيم وَعَمَّته ميتين وَصلى عَلَيْهِمَا ودفنهما وَبنى عَلَيْهِمَا مشهدا، وَجعل نجاح سَيّده مرجان موضعهما وَوضع مَعَه جثة قيس وَبنى عَلَيْهِمَا ذَلِك الْجِدَار وتملك نجاح وَركب بالمظلة وَضرب السِّكَّة باسمه واستقل بِملك الْيمن.

ثمَّ دخلت سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا انْقَطَعت الْفِتَن بقدوم الْمَأْمُون إِلَى بَغْدَاد ولباسه الخضرة ثَمَانِيَة أَيَّام ثمَّ عَاد إِلَى لبس السوَاد.

وفيهَا: توفّي بِمصْر الإِمَام الشَّافِعِي رَحْمَة اللَّهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُحَمَّد بن إِدْرِيس بن الْعَبَّاس بن عُثْمَان بن شَافِع بن السَّائِب بن عبيد بن عبد يزِيد بن هَاشم بن الْمطلب بن عبد منَاف، وشافع الَّذِي نسب إِلَيْهِ الشَّافِعِي لَقِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ مترعرع وَأَبوهُ السَّائِب أسلم يَوْم بدر، فالشافعي شَقِيق رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي نسبه يجْتَمع مَعَه فِي عبد منَاف بن الْمطلب، وَكَانَت زَوْجَة هَاشم بن الْمطلب بن عبد منَاف بنت عمَّة الشفا بنت هَاشم بن عبد منَاف، فولد لَهُ مِنْهَا عبد يزِيد جد الشَّافِعِي، فالشافعي إِذن ابْن عَم رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَابْن عمته لِأَن الشِّفَاء أُخْت عبد الْمطلب جد رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

وَولد الشَّافِعِي سنة خمس وَمِائَة بغزة على الصَّحِيح، وَأخذ الْعلم من مَالك وَمُسلم بن خَالِد الزنْجِي وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَسمع الحَدِيث من إِسْمَاعِيل بن علية وَعبد الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ، وَمُحَمّد بن الْحسن الشَّيْبَانِيّ وَغَيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>