وطيف بِهِ حول الْكَعْبَة وَدفن بِالْمَدِينَةِ فِي رِبَاط بناه لنَفسِهِ وَبَين قَبره وقبر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَحْو خَمْسَة عشر ذِرَاعا.
وجمال الدّين هَذَا هُوَ الَّذِي جدد مَسْجِد الْخيف بمنى، وَبنى الْحجر بِجَانِب الْكَعْبَة وزخرف الْكَعْبَة وبذل جملَة طائلة لصَاحب مَكَّة وللمقتفي حَتَّى مكنه من ذَلِك، وَبنى الْمَسْجِد الَّذِي على عَرَفَات وَعمل الدرج إِلَيْهِ وَعمل بِعَرَفَات مصانع المَاء، وَبنى سوراً على الْمَدِينَة، وَبنى على دجلة جِسْرًا عِنْد جَزِيرَة ابْن عمر بِالْحجرِ المنحوت وَالْحَدِيد، والرصاص، والكلس، فَقبض قبل أَن يفرغ، وَبنى الرَّبْط وَغَيرهَا.
وفيهَا: توفّي نصر بن خلف ملك سجستان وعمره فَوق الْمِائَة وملكة ثَمَانُون سنة، وَملك بعده ابْنه أَبُو الْفَتْح أَحْمد.
وفيهَا: توفّي الإِمَام عمر الْخَوَارِزْمِيّ خطيب بَلخ ومفتيها وَالْقَاضِي أَبُو بكر المحمودي ذُو التصانيف، وَله مقامات فارسية.
ثمَّ دخلت سنة سِتِّينَ وَخَمْسمِائة: فِيهَا فِي ربيع الأول توفّي شاه مازندران رستم بن عَليّ بن شهريار بن قَارن، وَملك بعده ابْنه عَلَاء الدّين الْحسن.
وفيهَا: ملك الْمُؤَيد آي بِهِ هراة.
وفيهَا: كَانَ بَين قلج أرسلان بن مَسْعُود صَاحب قونية وَغَيرهَا وَبَين باغي أرسلان بن الدانشمند صَاحب ملطية حروب انهزم فِيهَا قلج أرسلان وَاتفقَ موت باغي أرسلان فِي تِلْكَ الْمدَّة فَملك ملطية ابْن أَخِيه إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الدانشمند وَاسْتولى ذُو النُّون بن مُحَمَّد بن الدانشمند على قيسارية.
وَملك شاهان شاه بن مَسْعُود أَخُو قلج أرسلان مَدِينَة أنكورية، واصطلحوا على ذَلِك.
وفيهَا: توفّي عون الدّين بن هُبَيْرَة الْوَزير واسْمه يحيى بن مُحَمَّد بن المظفر، وَدفن بمدرسته الحنبلية بِبَاب الْبَصْرَة، كَانَ يعظمه المقتفي، وَلما مَاتَ قبض على أَوْلَاده وَأَهله.
قلت: هَذَا مُشكل، فالمقتفي توفّي سنة خمس وَخمسين وَخَمْسمِائة، والوزير توفّي هَذِه السّنة وَإِن كَانَ الْوَزير هُوَ الَّذِي قبض على أَوْلَاد المقتفي وَأَهله فَأَيْنَ النَّقْل بِهِ وَالله أعلم.
وفيهَا: توفّي الشَّيْخ الإِمَام أَبُو الْقَاسِم عمر بن عِكْرِمَة بن البرزي الشَّافِعِي تلميذ الكيا أوحد فِي الْفِقْه من جَزِيرَة ابْن عمر.
وفيهَا: توفّي أَبُو الْحسن هبة الله بن صاعد بن هبة الله بن التلميذ وَقد ناهز الْمِائَة، كَانَ طَبِيب الْخلَافَة حظي عِنْد المقتفي حاذقاً أديباً عَالما مُصِيب الْفِكر قسيساً لِلنَّصَارَى يتعجب مِنْهُ الْفُضَلَاء كَيفَ حرم الْإِسْلَام، وَكَانَ بَينه وَبَين أبي البركات هبة الله بن ملكان الْحَكِيم تنافس على الْعَادة، وَكَانَ أَبُو البركات يَهُودِيّا فَأسلم شَيخا وجذم فتداوى وبرأ مِنْهُ، لَكِن عمي، وَكَانَ متكبراً وَابْن التلميذ متواضع فَعمل ابْن التلميذ فِيهِ.
(لنا صديق يَهُودِيّ حماقته ... إِذا تكلم تبدو فِيهِ من فِيهِ)