أجَاب الْعلمَاء عَن معارضاته السمجة الرَّكِيكَة، وَوضع كتابا للْيَهُود وَقَالَ لَهُم: قُولُوا عَن مُوسَى بن عمرَان أَنه قَالَ لَا نَبِي بعدِي، وَقد أضربت عَن ذكر شَيْء من هذيانه ونزهت عَنهُ هَذَا الْكتاب.
قلت: قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي المنتظم مَا مَعْنَاهُ: الأمل أَن اللَّهِ تَعَالَى يعذبه يَوْم الْقِيَامَة أَشد من عَذَاب إِبْلِيس لِأَن إِبْلِيس خَاطب اللَّهِ تَعَالَى بالأدب فَقَالَ: بعزتك، وَهَذَا أَسَاءَ أدبه على اللَّهِ وَسَماهُ بِمَا هَذَا الملعون جدير بِهِ، وَالْعجب أَن الْعَوام يَضْحَكُونَ لأقواله ويغفلون عَن كَونه سبّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بعض مصنفاته فِي عدَّة مَوَاضِع:
(أَلا يَا لَيْتَني مكنت مِنْهُ ... فَكنت فعلت فِيهِ مَا أَشَاء)
(فَإِن أبي ووالده وعرضي ... لعرض مُحَمَّد مِنْهُ وقاء)
وَالله أعلم.
وَمَات لَعنه اللَّهِ وَلعن محبه برحبة مَالك بن طوق، وَذكر أَن عمره سِتّ وَثَلَاثُونَ سنة، وتاريخ وَفَاته عِنْد ابْن خلكان سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَقيل: سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ.
ثمَّ دخلت سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا أخذت القرامطة الْحجَّاج من طَرِيق الْعرَاق وقتلوهم وهم عشرُون ألفا وَأخذُوا مِنْهُم أَمْوَالًا عَظِيمَة وَكَانَ كَبِير القرامطة زكرويه، فَجهز المكتفي عسكرا قَاتلهم، فَانْهَزَمَ القرامطة وَقتل مِنْهُم خلق وَأسر اللعين زكرويه جريحا وَمَات بعد سِتَّة أَيَّام، وَقدم الْعَسْكَر بِرَأْسِهِ إِلَى بَغْدَاد وطيف بِهِ.
وفيهَا: توفّي مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي بسمرقند، وَله تصانيف كَثِيرَة.
ثمَّ دخلت سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا فِي صفر توفّي إِسْمَاعِيل بن أَحْمد الساماني الْمَذْكُور، وَأرْسل المكتفي لِابْنِهِ أبي نصر أَحْمد التَّقْلِيد.
وفيهَا: لثنتي عشرَة لَيْلَة خلت من ذِي الْقعدَة توفّي المكتفي بِاللَّه، وخلافته سِتّ سِنِين وَسِتَّة أشهر وَتِسْعَة عشر يَوْمًا وعمره ثَلَاث وَثَلَاثُونَ سنة. كَانَ ربعَة جميلا رَقِيق السمرَة حسن الْوَجْه وَالشعر وافر اللِّحْيَة، وَأمه حجج التركية أم ولد، وَطَالَ مَرضه شهورا وَدفن بدار مُحَمَّد بن طَاهِر.
(أَخْبَار المقتدر بِاللَّه بن المعتضد)
وبويع المقتدر بِاللَّه أَبُو الْفضل جَعْفَر بن المعتضد بِاللَّه وَهُوَ ثامن عشرهم يَوْم توفّي المكتفي وعمره يَوْم بُويِعَ ثَلَاث عشرَة سنة، وَأمه شعب أم ولد.
وفيهَا: توفّي الْمُنْذر بن مُحَمَّد الْأمَوِي، فبويع يَوْم مَوته بالأندلس لثلاث عشرَة بقيت من صفر.
وفيهَا: فِي الْمحرم توفّي أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن أَحْمد بن نصر التِّرْمِذِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي الْمُحدث، روى عَن يحيى بن يزِيد الْمصْرِيّ ويوسف بن عدي وَكثير بن يحيى، وروى عَنهُ