وَكَانَ آمنا فِي سربه منعكفا على طلب الْعلم وَالشعر، قد اشْتهر عِنْد الْخُلَفَاء أَنه لم يؤهل نَفسه للخلافة، فاستراح إِلَى أَن حمله على الْخلَافَة الَّذين خذلوه بعد بيعَته. ورثاه عَليّ بن مُحَمَّد بن بسام فَقَالَ:
(لله دَرك من ملك بمضيعة ... ناهيك فِي الْعلم والآداب والحسب)
وفيهَا: فِي مستهل رَمَضَان ولي أَبُو نصر زِيَادَة اللَّهِ إفريقية، وَذَلِكَ أَن زِيَادَة اللَّهِ حَبسه أَبوهُ عبد اللَّهِ على شرب الْخمر فاتفق مَعَ ثَلَاثَة من خدم أَبِيه الصقالبة على قتل أَبِيه فَقَتَلُوهُ وَجَاءُوا بِرَأْسِهِ وَهُوَ فِي الْحَبْس، فَلَمَّا تولى زِيَادَة اللَّهِ قَتلهمْ وانعكف على اللَّذَّات والمضحكين وأهمل أُمُور المملكة وَقتل من الأغالبة من قدر عَلَيْهِ من أَعْمَامه وَإِخْوَته.
وَفِي أَيَّام زِيَادَة اللَّهِ قوي أَمر أبي عبد اللَّهِ الشيعي الْقَائِم بدعوة الدولة الفاطمية بالمغرب، فَأرْسل إِلَيْهِ زِيَادَة اللَّهِ جَمِيع عسكره أَرْبَعِينَ ألفا مَعَ إِبْرَاهِيم من بني عَمه فَهَزَمَهُمْ الشيعي فضعف زِيَادَة اللَّهِ، وَجمع الْأَمْوَال فَقدم مصر وَبهَا النوشري عَاملا فَكتب النوشري بأَمْره إِلَى المقتدر.