وَاسم أبي طَالب: عبد منَاف بن عبد الْمطلب، وَأم عَليّ فَاطِمَة بنت أَسد بن هَاشم، فَهُوَ ابْن هاشميين؛ بُويِعَ بالخلافة يَوْم قتل عُثْمَان رَضِي اللَّهِ عَنهُ، وَلما سَأَلُوهُ الْبيعَة قَالَ: لَا حَاجَة لي فِي أَمركُم من اخترتم رضيت بِهِ وأكون وزيرا خيرا من أَن أكون أَمِيرا. فَأَبَوا إِلَّا مبايعته، فَأتى الْمَسْجِد فَبَايعُوهُ، وَقيل: بُويِعَ فِي بَيته؛ أول من بَايعه طَلْحَة وَكَانَت يَده مشلولة من أحد، فَقَالَ حبيب بن ذُؤَيْب: إِنَّا لله أول من بَدَأَ بالبيعة يَد شلاء لَا يتم هَذَا الْأَمر، وَبَايَعَهُ الزبير، قَالَ عَليّ لَهما: إِن أحببتما أَن تبَايعا بايعا وَإِن أحببتما بايعتكما، فَقَالَا: بل نُبَايِعك، وَقَالَ عَليّ لسعد بن أبي وَقاص: بَايع، فَقَالَ: حَتَّى يُبَايع النَّاس وَالله مَا عَلَيْك مني بَأْس فخلى سَبيله، وَتَأَخر أَيْضا عبد اللَّهِ بن عمر.
وبايعته الْأَنْصَار إِلَّا نَفرا قَلِيلا، مِنْهُم: حسان وَكَعب بن مَالك ومسلمة بن مخلد وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ والنعمان بن بشير وَمُحَمّد بن مسلمة وفضالة بن عبيد وَكَعب بن عجْرَة وَزيد بن ثَابت، كَانَ هَؤُلَاءِ قد ولاهم عُثْمَان على الصَّدقَات وَغَيرهم، وَلم يبايعه أَيْضا سعيد بن زيد وَعبد اللَّهِ بن سَلام وصهيب وَأُسَامَة بن زيد وَقُدَامَة بن مَظْعُون والمغيرة بن شُعْبَة وَسموا لذَلِك الْمُعْتَزلَة.
وَسَار النُّعْمَان بن بشير بِثَوْب عُثْمَان مُلَطَّخًا بِالدَّمِ إِلَى الشَّام، فَكَانَ مُعَاوِيَة يعلق قَمِيص عُثْمَان على الْمِنْبَر تحريضا على قتال عَليّ رَضِي اللَّهِ عَنهُ.
وَقيل: بقيت الْمَدِينَة بعد عُثْمَان خمْسا والغافقي وَمن مَعَه يَلْتَمِسُونَ من يقوم بِالْأَمر، وَطَلْحَة فِي حَائِط لَهُ، وَسعد وَالزُّبَيْر قد خرجا من الْمَدِينَة، وَبَنُو أُميَّة قد هربوا، وباعد عَليّ المصريين، وَالزُّبَيْر الْكُوفِيّين، وَطَلْحَة الْبَصرِيين وَمَعَ اجْتِمَاعهم على قتل عُثْمَان كَانُوا مُخْتَلفين فِي من يَلِي غَيره حَتَّى أَتَوا عليا وَشَكوا مَا ابتلوا بِهِ وَمَا نزل بِالْإِسْلَامِ، ثمَّ يَوْم الْجُمُعَة لخمس بَقينَ من ذِي الْحجَّة سنة خمس وَثَلَاثِينَ صعد الْمِنْبَر واستعفى فَلم يعفوه، فَبَايعهُ أَولا طَلْحَة، ثمَّ لحق طَلْحَة وَالزُّبَيْر بعائشة بِمَكَّة.