ثمَّ خرج عَم ملكشاه فاروت بك صَاحب كرمان عَن طَاعَته فاقتتلا، فَانْهَزَمَ فاروت بك وأسره وخنقه وَأقر كرمان على أَوْلَاده، وَلما انتصر ملكشاه كثرت أذية الْعَسْكَر ففوض الْأَمر إِلَى نظام الْملك وَحلف لَهُ وَزَاد على إقطاعه طوس وَغَيرهَا ولقبه ألقابا مِنْهَا: أتابك أَصْلهَا أطابك مَعْنَاهُ الْوَالِد الْأَمِير، فَأحْسن نظام الْملك السياسة وَالتَّدْبِير.
(أَخْبَار الْمُسْتَنْصر وَقتل نَاصِر الدولة)
كَانَت وَالِدَة الْمُسْتَنْصر بِمصْر قد استولت على الْأَمر، فضعف أَمر الدولة وَصَارَت العبيد حزبا والأتراك حزبا وَجَرت بَينهم حروب، وَكَانَ نَاصِر الدولة حفيد نَاصِر الدولة بن حمدَان من أكبر قواد مصر فاجتمعت إِلَيْهِ الأتراك وَجَرت بَينهم وَبَين العبيد وقعات، وَحصر نَاصِر الدولة مصر وَقطع الْميرَة عَنْهَا برا وبحرا فغلت الأسعار حَتَّى أخرج الْمُسْتَنْصر الْعرُوض كَمَا تقدم وَعدم المتحصل بِسَبَب انْقِطَاع السبل.
ثمَّ استولى نَاصِر الدولة على مصر وَتَفَرَّقَتْ العبيد فِي الْبِلَاد، واستبد نَاصِر الدولة بالحكم وصادر أم الْمُسْتَنْصر بِخَمْسِينَ ألف دِينَار، وتفرق عَن الْمُسْتَنْصر أَوْلَاده وَأَهله. وَبلغ من إهانته للمستنصر أَنه كَانَ يجلس على حَصِير لَا يقدر على غَيرهَا.