للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ: شدوا أَطْرَافه إِلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ يُوسُف: يَا مخنث مثلي يقتل هَذِه القتلة، فَغَضب السُّلْطَان وَأخذ الْقوس وَقَالَ للغلامين: خلياه ورماه بِسَهْم فأخطأه وَلم يكن يُخطئ سَهْمه، فَوَثَبَ يُوسُف على السُّلْطَان بسكين فَقَامَ السُّلْطَان عَن السدة فَوَقع على وَجهه فَضَربهُ يُوسُف بالسكين، ثمَّ جرح شخصا آخر كَانَ وَاقِفًا على رَأس السُّلْطَان اسْمه سعد الدولة، فَضرب بعض الفراشين يُوسُف بمزربة على رَأسه فَقتله ثمَّ قطعته الأتراك، فَقَالَ السُّلْطَان: صعدت أمس على تل فارتجت الأَرْض تحتي من عظم الْجَيْش فَقلت فِي نَفسِي أَنا ملك الدُّنْيَا وَمَا يقدر اُحْدُ على، فعجزني الله بأضعف خلقه، وَأَنا أسْتَغْفر الله وأستقليه من ذَلِك الخاطر.

جرح فِي سادس ربيع الأول وَتُوفِّي فِي عاشره وعمره أَرْبَعُونَ سنة وشهور وَمُدَّة ملكه مذ خطب لَهُ بالسلطنة إِلَى وَفَاته تسع وَسِتَّة سِنِين وَسِتَّة أشهر وَأَيَّام، وَأوصى بالسلطنة لِابْنِهِ ملكشاه وَكَانَ مَعَه فَحلف لَهُ الْعَسْكَر وَاسْتقر فِي السلطنة، وَكَانَ المستولي على الْأَمر نظام الْملك وَزِير ألب أرسلان.

وَعَاد ملكشاه بالعسكر من وَرَاء النَّهر إِلَى خُرَاسَان فَأرْسل إِلَى بَغْدَاد والأطراف فَخَطب لَهُ فِيهَا، وَاسْتمرّ نظام الْملك وزيرا نَافِذ الْأَمر.

ثمَّ خرج عَم ملكشاه فاروت بك صَاحب كرمان عَن طَاعَته فاقتتلا، فَانْهَزَمَ فاروت بك وأسره وخنقه وَأقر كرمان على أَوْلَاده، وَلما انتصر ملكشاه كثرت أذية الْعَسْكَر ففوض الْأَمر إِلَى نظام الْملك وَحلف لَهُ وَزَاد على إقطاعه طوس وَغَيرهَا ولقبه ألقابا مِنْهَا: أتابك أَصْلهَا أطابك مَعْنَاهُ الْوَالِد الْأَمِير، فَأحْسن نظام الْملك السياسة وَالتَّدْبِير.

(أَخْبَار الْمُسْتَنْصر وَقتل نَاصِر الدولة)

كَانَت وَالِدَة الْمُسْتَنْصر بِمصْر قد استولت على الْأَمر، فضعف أَمر الدولة وَصَارَت العبيد حزبا والأتراك حزبا وَجَرت بَينهم حروب، وَكَانَ نَاصِر الدولة حفيد نَاصِر الدولة بن حمدَان من أكبر قواد مصر فاجتمعت إِلَيْهِ الأتراك وَجَرت بَينهم وَبَين العبيد وقعات، وَحصر نَاصِر الدولة مصر وَقطع الْميرَة عَنْهَا برا وبحرا فغلت الأسعار حَتَّى أخرج الْمُسْتَنْصر الْعرُوض كَمَا تقدم وَعدم المتحصل بِسَبَب انْقِطَاع السبل.

ثمَّ استولى نَاصِر الدولة على مصر وَتَفَرَّقَتْ العبيد فِي الْبِلَاد، واستبد نَاصِر الدولة بالحكم وصادر أم الْمُسْتَنْصر بِخَمْسِينَ ألف دِينَار، وتفرق عَن الْمُسْتَنْصر أَوْلَاده وَأَهله. وَبلغ من إهانته للمستنصر أَنه كَانَ يجلس على حَصِير لَا يقدر على غَيرهَا.

وَنوى الْخطْبَة للقائم، فَفطن لذَلِك إيلدكز الفاتك التركي فاتفق مَعَ جمَاعَة وقصدوا دَاره، فَخرج إِلَيْهِم مطمئنا بقوته فضربوه بسيوفهم حَتَّى قَتَلُوهُ وَأخذُوا رَأسه وَقتلُوا أَخَاهُ فَخر الْعَرَب وَقتلُوا جَمِيع بني حمدَان بِمصْر.

واضطرب الْأَمر هَذِه السّنة إِلَى سنة سبع وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة فولي بِمصْر أَمِير

<<  <  ج: ص:  >  >>