(فَأَصْبَحت مرحوما وَكنت مجسدا ... فصبرا على مَكْرُوه مر العواقب)
(سأبكي على الْوَصْل الَّذِي كَانَ بَيْننَا ... وأندب أَيَّام السرُور الذواهب)
ثمَّ مَاتَ وَصلى عَلَيْهِ صَالح، وَكَانَت خِلَافَته ثَلَاثًا وَعشْرين سنة وشهرين وَثَمَانِية عشر يَوْمًا، وعمره سبع وَأَرْبَعُونَ سنة وَخَمْسَة أشهر وَخَمْسَة أَيَّام؛ كَانَ جميلا أَبيض وخطه الشيب، وَبَنوهُ: الْأمين من زبيدة، والمأمون من مراحل أم ولد، وَالقَاسِم المؤتمن، وَالقَاسِم مُحَمَّد، وَأَبُو عِيسَى مُحَمَّد، وَأَبُو يَعْقُوب، وَأَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد، وَأَبُو سلمَان مُحَمَّد، أَبُو عَليّ مُحَمَّد، وَأَبُو مُحَمَّد وَهُوَ اسْمه، وَأَبُو أَحْمد مُحَمَّد كلهم لأمهات أَوْلَاد، وَخمْس عشرَة بِنْتا؛ وَكَانَ يتَصَدَّق من صلب مَاله كل يَوْم بِأَلف دِرْهَم، وعهد بالخلافة إِلَى الْأمين وَبعده إِلَى الْمَأْمُون وَكتب بذلك عهدا وَجعله فِي الْكَعْبَة، وَجعل ابْنه الْقَاسِم المؤتمن ولي الْعَهْد بعد الْمَأْمُون وَجعل إِلَى الْمَأْمُون أَن يسْتَمر بِهِ وَأَن يعزله.
(أَخْبَار الْأمين بن الرشيد)
وَلما توفّي الرشيد بُويِعَ الْأمين سادسهم بالخلافة فِي عَسْكَر الرشيد صَبِيحَة وَفَاته وَكَانَ بمرو، فَكتب إِلَيْهِ أَخُوهُ صَالح بذلك مَعَ رَجَاء الْخَادِم وَأرْسل مَعَه خَاتم الْخَلِيفَة والبردة والقضيب. وَلما وصل بَغْدَاد بُويِعَ أَيْضا وتحول إِلَى قصر الْخلَافَة، وَجَاءَت أمه زبيدة من الرقة بخزائن الرشيد فتلقاها بالأنبار وَمَعَهُ أَعْيَان بَغْدَاد.
وفيهَا: قتل تقفور ملك الرّوم فِي حَرْب برجان، وَملكه سبع سِنِين.
ثمَّ دخلت سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة: فِيهَا قتل شَقِيق الْبَلْخِي الزَّاهِد فِي غزَاة كولان من بِلَاد التّرْك.
وفيهَا: اخْتلف أهل حمص على عاملهم فانتقل إِلَى سليمَة، فَاسْتعْمل الْأمين مَكَانَهُ عبد اللَّهِ بن سعيد الْحَرَشِي فَقَاتلهُمْ، ثمَّ آمنهم.
ثمَّ دخلت سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَة: أبطل الْأمين اسْم الْمَأْمُون من الْخطْبَة، وخطب لمُوسَى بن الْأمين ولقبه النَّاطِق بِالْحَقِّ وَكَانَ طفْلا، وجهز جَيْشًا خمسين ألفا لِحَرْب الْمَأْمُون بخراسان مقدمهم عَليّ بن عِيسَى بن ماهان وَكَانَ طَاهِر بن الْحُسَيْن بِالريِّ من جِهَة الْمَأْمُون بعسكر قَلِيل، فَخلع طَاهِر بيعَة الْأمين وَبَايع لِلْمَأْمُونِ وَقَاتل عَليّ بن عِيسَى، فَقتل عَليّ بن عِيسَى وَانْهَزَمَ عسكره وَبعث بِرَأْسِهِ إِلَى الْمَأْمُون بخراسان.
وفيهَا: توفّي أَبُو نؤاس الْحسن بن هانىء بن عبد الأول الشَّاعِر، وعمره تسع وَخَمْسُونَ سنة:
قلت: وَأول شعره وَهُوَ صبي:
(حَامِل الْهوى تَعب ... يستفزه الطَّرب)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute