للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أَخْبَار القاهر بِاللَّه بن المعتضد)

وبويع القاهر بِاللَّه مُحَمَّد بن المعتضد وَهُوَ تَاسِع عشرهم لليلتين بَقِيَتَا من شَوَّال مِنْهَا، ثمَّ أحضر القاهر أم المقتدر وسألها عَن الْأَمْوَال فَاعْترفت بِمَا عِنْدهَا من المصاغ والثيباب فَقَط، فضربها شَدِيدا وَقد بَدَأَ بهَا الاسْتِسْقَاء، ثمَّ علقها برجلها فَحَلَفت أَنَّهَا لَا تملك غير مَا أطلعته عَلَيْهِ. واستوزر أَبَا عَليّ بن مقلة وعزل وَولى وَقبض على جمَاعَة من الْعمَّال.

وفيهَا توفّي القَاضِي أَبُو عَمْرو مُحَمَّد بن يُوسُف وَكَانَ فَاضلا، وَأَبُو الْحُسَيْن بن صَالح الْفَقِيه الشَّافِعِي العابد، وَأَبُو نعيم عبد الْملك الْفَقِيه الشَّافِعِي الْجِرْجَانِيّ الْمَعْرُوف بالأشتر الأستراباذي.

ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى عشْرين وثلثمائة: فِيهَا فِي جمادي الْآخِرَة مَاتَت شغب وَالِدَة المقتدر ودفنت فِي تربَتهَا بالرصافة.

وفيهَا: حصلت الوحشة بَين مؤنس والقاهر، أَقَامَ مؤنس يلبق حاجبا وَجعل أَمر الْخلَافَة إِلَيْهِ فضيق على القاهر، وَمنع دُخُول امْرَأَة إِلَى دَار الْخلَافَة حَتَّى يعرف من هِيَ فَإِن القاهر كَانَ قد استمال جمَاعَة فِي الْبَاطِن للقبض على يلبق ومؤنس وَاتفقَ مَعَه الساجية وطريف السنكري أكبر القواد، فَقبض القاهر على يلبق وَابْنه ومؤنس فِي أول شعْبَان مِنْهَا، لأَنهم اتَّفقُوا مَعَ ابْن مقلة على خلعه وَإِقَامَة أبي أَحْمد بن المكتفي.

وَحضر ابْن يلبق وَأظْهر أَنه يُرِيد الِاجْتِمَاع بالخليفة بسب القرامطة وَقصد الْقَبْض على القاهر وَلم يعلم ابْن يلبق بِمَا رتبه لَهُ القاهر، وَدخل فَقبض عَلَيْهِ القاهر فِي دَار الْخلَافَة. وَبلغ أَبَاهُ يلبق ذَلِك وَكَانَ مَرِيضا فَحَضَرَ إِلَى دَار الْخلَافَة بِسَبَب ذَلِك، فَقبض عَلَيْهِ أَيْضا.

ثمَّ استدعى القاهر مؤنسا فَامْتنعَ، فَحلف أَن قَصده مِنْهُ الْكَشْف عَن حَال يلبق وَابْنه فَإِن صَحَّ مَا بلغه عَنْهُمَا وَإِلَّا أطلقهما، فَحَضَرَ مؤنس فَقبض عَلَيْهِ أَيْضا وعزل ابْن مقلة واستوزر أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن عبيد اللَّهِ، ثمَّ جد فِي طلب أَحْمد بن المكتفي فظفر بِهِ وَبنى عَلَيْهِ حَائِطا فَمَاتَ.

وشغب أَصْحَاب مؤنس وَكَانُوا أَكثر الْعَسْكَر وثاروا بِسَبَب حبس مؤنس وطلبوا إِطْلَاقه، فذبح ابْن يلبق وَوضع رَأسه فِي طست وَكَانَ قد حَبسهم مُتَفَرّقين ثمَّ أحضر الرَّأْس فِي الطست إِلَى أَبِيه فَجعل يلبق يبكي ويرسف الرَّأْس، ثمَّ قَتله القاهر وَجعل رَأسه مَعَ رَأس ابْنه وأحضرهما إِلَى مؤنس فَتشهد مؤنس وَلعن قاتلهما فَقتله أَيْضا، وطيف بالرؤؤس الثَّلَاثَة فِي بَغْدَاد وَنُودِيَ: هَذَا جَزَاء من يخون الإِمَام، ثمَّ نظفت الرؤوس وَجعلت فِي خزانَة الرؤوس على جاري عَادَتهم، ثمَّ عزل القاهر أَبَا جَعْفَر الْوَزير وَولى الحصيني الوزارة، ثمَّ قبض على طريف السنكري.

<<  <  ج: ص:  >  >>