الشَّام، وَملك أنطاكية بمخامرة الْحَاكِم فِيهَا من جِهَة النَّصَارَى وَكَانَت بيد الرّوم من سنة ثَمَان وَخمسين وثلثمائة، فافتتحها سُلَيْمَان فِي هَذِه السّنة.
مقتل شرف الدولة وَملك أَخِيه إِبْرَاهِيم
لما ملك سُلَيْمَان بن قطلمش أنطاكية أرسل شرف الدولة مُسلم صَاحب الْموصل وحلب يطْلب مِنْهُ مَا كَانَ يحملهُ إِلَيْهِ أهل أنطاكية، فَقَالَ سُلَيْمَان: كَانَ ذَلِك على سَبِيل الْجِزْيَة وَلم يُعْطه شَيْئا فاقتتلا فِي الرَّابِع وَالْعِشْرين من صفر سنة ثَمَان وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة فِي طرف أَعمال أنطاكية، فَانْهَزَمَ عَسْكَر مُسلم وَقتل مُسلم فِي المعركة، وَقتل بَين يَدَيْهِ أَرْبَعمِائَة غُلَام من أَحْدَاث حلب، وَكَانَ مُسلم بن قُرَيْش أَحول واتسع ملكه وَزَاد على من تقدمه من أهل بَيته وساس ملكه بِالْعَدْلِ، وَلما قتل قصد بَنو عقيل أَخَاهُ إِبْرَاهِيم بن قُرَيْش وَهُوَ مَحْبُوس فأخرجوه وملكوه بعد حَبسه سِنِين.
وفيهَا: ولد لملكشاه ولد بسنجار فَسَماهُ أَحْمد ثمَّ غلب عَلَيْهِ سنجر لمولده بسنجار، واسْمه عِنْد التّرْك صنجر وَمَعْنَاهُ يطعن.
وفيهَا: توفّي أَبُو نصر عبد السَّيِّد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن الصّباغ الْفَقِيه الشَّافِعِي صَاحب الشَّامِل والكامل وكفاية السَّائِل وَغَيرهَا بعد أَن أضرّ سِنِين ومولده سنة أَرْبَعمِائَة.
قلت: قَالَ ابْن خلكان: وَكتابه الشَّامِل من أَجود الْكتب وأصحها نقلا وأثبتها أَدِلَّة، وَكَانَ يقدم على الشَّيْخ أبي إِسْحَاق فِي معرفَة الْمَذْهَب وَكَانَ تقياً حجَّة صَالحا، وَالله أعلم.
وفيهَا: توفّي القَاضِي أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن عَليّ الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الْقفال من شُيُوخ أَصْحَاب الشَّافِعِي، ولي الْقَضَاء بِبَاب الأزج.
ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا ملك الفرنج طليطلة من الأندلس بعد أَن حاصرها الأذفونش سبع سِنِين.
وفيهَا: جَاءَت ريح عَظِيمَة سَوْدَاء كالليل بِبَغْدَاد وَقت الْعَصْر وتتابع الرَّعْد والبرق وَوَقعت عدَّة صواعق وَبَقِي النَّهَار لَيْلًا بهيماً وَسقط رمل بدل الْمَطَر وَظن النَّاس أَنَّهَا السَّاعَة ودام إِلَى الْمغرب، شَاهد ذَلِك الإِمَام أَبُو بكر الطرطوشي وَحَكَاهُ فِي أَمَالِيهِ، وَالله أعلم.
وفيهَا: ملك فَخر الدولة بن جهير آمد ثمَّ ميافارقين ثمَّ جَزِيرَة ابْن عمر بِلَاد بني مَرْوَان، أَخذهَا من مَنْصُور بن نصر بن أَحْمد بن مَرْوَان آخر مُلُوكهمْ وانقرضت مملكتهم بالجزيرة، فسبحان من لَا يَزُول ملكه.
وفيهَا: سَار أَمِير الجيوش بدر الجمالي بجيوش مصر فحصر دمشق وفيهَا تَاج الدولة تتش، فَلم يظفر بِشَيْء فارتحل عَائِدًا.
وفيهَا: فِي ربيع الآخر توفّي إِمَام الْحَرَمَيْنِ أَبُو الْمَعَالِي عبد الْملك بن عبد الله بن يُوسُف الْجُوَيْنِيّ، ومولده فِي الْكَامِل: سنة سِتّ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة، وَفِي تَارِيخ ابْن أبي الدَّم: سنة تسع عشرَة وَأَرْبَعمِائَة. إِمَام الْعلمَاء فِي وقته فَحل الْمَذْهَب وَمن تصانيفه: نِهَايَة