وفيهَا: أرسل الْمَنْصُور لاجين الْملك النَّاصِر من القاعة الَّتِي كَانَ فِيهَا بقلعة الْجَبَل إِلَى الكرك وَسَار مَعَه سلار حَتَّى أدخلهُ إِلَيْهَا وَعَاد إِلَى لاجين.
وفيهَا: أفرج لاجين عَن بيبرس الجاشنكير وعدة أُمَرَاء قبض عَلَيْهِم الْعَادِل لما ملك.
وفيهَا: أعْطى الْمَنْصُور لاجين جمَاعَة من مماليكه إمرة طبلخانات مثل منكوتمر وأيدغدي شقير وبهادر المعزى.
ثمَّ دخلت سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة: فِيهَا جرد الْملك الْمَنْصُور لاجين جَيْشًا كثيفاً مَعَ بدر الدّين بكتاش الفخري أَمِير سلَاح وَعلم الدّين سنجر الدواتداري وشمس الدّين كريته ولاجين الرُّومِي الْمَعْرُوف بالحسام أستاذ دَار فَسَارُوا إِلَى الشَّام ورسم بمسير عَسَاكِر الشَّام، فَسَار البكي الظَّاهِرِيّ نَائِب صفد ثمَّ سيف الدّين قبجق نَائِب الشَّام، وَأقَام قبجق بِبَعْض العساكر بحمص، وَسَار المظفر صَاحب حماه وَوصل المذكورون حلب يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَالِث وَعشْرين جمادي الْآخِرَة سَابِع نيسان، ثمَّ سَارُوا إِلَى بِلَاد سيس فَعبر صَاحب حماه والدواتداري من دربندمري وَالْبَاقُونَ من بغراس، واجتمعوا على نهر جيحان وشنوا الغارات فِي أواسط رَجَب وكبسوا وغنموا وعادوا إِلَى مرج أنطاكية فِي حادي وَعشْرين رَجَب، وَسَار صَاحب حماه إِلَى جِهَة حماه، وَوصل قصطون فورد مرسوم لاجين باجتماع العساكر بحلب ودخولهم إِلَى سيس ثَانِيًا.
قَالَ الْمُؤلف رَحمَه الله: فعدنا إِلَى حلب ثمَّ إِلَى بِلَاد سيس ونزلنا على حموص يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع رَمَضَان مِنْهَا، وَأقَام أَمِير سلَاح وَصَاحب حماه وَمن انْضَمَّ إِلَيْهِمَا من عَسْكَر دمشق على حموص وحصرناها وَنزل بَاقِي الْعَسْكَر أَسْفَل مِنْهَا فِي الْوَطْأَة، وأشتد على الْعَالم الْكثير الَّذين بهَا الْعَطش، فَهَلَك غالبهم، فَلَمَّا اشْتَدَّ بهم الْحَال أخرجُوا فِي السَّابِع عشر من نزولنا نَحْو ألف وَمِائَتَيْنِ من النِّسَاء والأطفال فاقتسمهم الْعَسْكَر وَاسْتمرّ الْحَال كَذَلِك حَتَّى كَانَ مَا يذكر.
فتح حموص وَغَيرهَا
تقدم فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة أسر ليفون بن هيتوم لما دخل الْعَسْكَر صُحْبَة الْمَنْصُور صَاحب حماه فِي أَيَّام الظَّاهِر بيبرس، وَكَيف فدَاه أَبوهُ، وَملك ليفون بعد أَبِيه مُدَّة، وَمَات عَن بَنِينَ أكبرهم هيتوم بن تروس ثمَّ سنباط ثمَّ دندين ثمَّ أوشين، فَلَمَّا مَاتَ ليفون ملك ابْنه الْأَكْبَر هيتوم مُدَّة فَجمع أَخُوهُ سنباط ووثب عَلَيْهِ وَقَبضه وسمله فعميت عينه الْوَاحِدَة.
وَاسْتمرّ فِي الْحَبْس وَقبض على تروس ثمَّ قَتله وَخلف تروس ابْنا صَغِيرا، وَاسْتقر سنباط فِي الْملك، وَاتفقَ دُخُول الْعَسْكَر ومنازلة حموص فِي أَيَّام سنباط فضاقت على الأرمن الأَرْض لِكَثْرَة مَا غنم مِنْهُم، وَقتل ونسبوا ذَلِك إِلَى سوء تَدْبِير سنباط وَعدم مصانعته الْمُسلمين.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute