للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيهَا: فِي جُمَادَى الْآخِرَة وصل الْبَرِيد إِلَى حلب بعزل القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن بدر الدّين أبي بكر بن إِبْرَاهِيم بن النَّقِيب عَن الْقَضَاء بالمملكة الحلبية وبتولية شَيخنَا قَاضِي الْقُضَاة فَخر الدّين أبي عَمْرو عُثْمَان بن خطيب جبرين مَكَانَهُ وَلبس الخلعة وَحكم من سَاعَته واستعفيته من مُبَاشرَة الحكم بِالْبرِّ فِي الْحَال فأعفاني وَكَذَلِكَ أخي بعد مُدَّة فَأَنْشَدته ارتجالاً:

(جنبتني وَأخي تكاليف القضا ... وكفيتنا مرضين مُخْتَلفين)

(يَا حَيّ عالمنا لقد أنصفتنا ... فلك التَّصَرُّف فِي دم الْأَخَوَيْنِ)

وفيهَا: فِي ذِي الْحجَّة توجه الْأَمِير عز الدّين أزدمر النوري نَائِب بهسني لمحاصرة قلعة درنده بِمن عِنْده من الْأُمَرَاء والتركمان وَفتحت بالأمان فِي منتصف الْمحرم سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة.

وفيهَا: أَعنِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة توفّي الشَّيْخ الْعَارِف الزَّاهِد مهنا بن الشَّيْخ إِبْرَاهِيم بن الْقدْوَة مهنا الفوعي بالفوعة فِي خَامِس عشر شَوَّال ورثيته بقصيدة أَولهَا:

(أسأَل الفوعة الشَّدِيدَة حزنا ... عَن مهنا هَيْهَات أَيْن مهنا)

(أَيْن من كَانَ أبهج النَّاس وَجها ... فَهُوَ أسمى من البدور وأسنى)

وَمِنْهَا:

(أَيْن شَيْخي وقدوتي وصديقي ... وحبيبي وكل مَا أَتَمَنَّى)

(كَيفَ لَا يعظم الْمُصَاب لصدر ... نَحن مِنْهُ مَوَدَّة وَهُوَ منا)

(جعفري السلوك والوضع حَتَّى ... قَالَ عبس عَنهُ مهنا مهنا)

(أَي قلب بِهِ وَلَو كَانَ صخراً ... لَيْسَ يحْكى الخنساء نوحًا وحزناً)

(أذكرتنا وَفَاته بِأَبِيهِ ... وأخيه أَيَّام كَانُوا وَكُنَّا)

وَهِي طَوِيلَة كَانَ جده مهنا الْكَبِير من عباد الْأمة وَترك أكل اللَّحْم زَمَانا طَويلا لما رأى من اخْتِلَاط الْحَيَوَانَات فِي أَيَّام هولاكو لعنة الله وَكَانَ قومه على غير السّنة فهدى الله الشَّيْخ مهنا من بَينهم وَأقَام مَعَ التركمان رَاعيا ببرية حران فبورك للتركمان فِي مَوَاشِيهمْ ببركته، وَعرفُوا بركته وَحصل لَهُ نصيب من الشَّيْخ حَيَاة بن قيس بحران وَهُوَ فِي قَبره، وَجَرت لَهُ مَعَه كرامات فَرجع مهنا إِلَى الفوعة وَصَحب شَيخنَا تَاج الدّين جعفرا السراج الْحلَبِي وتلمذ لَهُ وانتفع بِهِ وَصَرفه مهنا فِي مَاله وَخَلفه على لسجادة بعد وَفَاته ودعا إِلَى الله تَعَالَى، وَجَرت لَهُ وقائع مَعَ أَهله وقاسى مَعَهم شَدَائِد وَبعد صيته وَقصد بالزيارة من الْبعد وجارو بِمَكَّة شرفها الله تَعَالَى سِنِين ثمَّ بِالْمَدِينَةِ على ساكنها أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام وَجَرت لَهُ هُنَاكَ كرامات مَشْهُورَة بَين أَصْحَابه وَغَيرهم مِنْهَا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رد عَلَيْهِ السَّلَام من الْحُجْرَة وَقَالَ: وَعَلَيْك السَّلَام يَا مهنا، ثمَّ عَاد إِلَى الفوعة وَأقَام بهَا إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْمحرم سنة أَربع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>