وَذكر أَن شخصا رأى مَلَائِكَة يسوقون النَّار فَجعل يُنَادي أَمْسكُوا يَا عباد الله لَا تُرْسِلُوا فَقَالُوا: بِهَذَا أمرنَا، ثمَّ أَن الرجل توفّي لساعته، وناب بِدِمَشْق فِي الْقَضَاء شهَاب الدّين أَحْمد بن شرف الزرعي الشَّافِعِي قَاضِي حصن الأكراد، وَورد الْخَبَر بحريق أنطاكية قبل رُجُوع الْعَسْكَر فَلم يبْق بهَا إِلَّا قَلِيل وَلم يعلم سَبَب ذَلِك.
وفيهَا: فِي ذِي الْقعدَة توفيت زَيْنَب بنت الْخَطِيب يحيى بن الإِمَام عز الدّين بن عبد السَّلَام السّلمِيّ سَمِعت من جمَاعَة، وَكَانَ فِيهَا عبَادَة وَخير وَحدثت.
وَمَات الطَّبِيب جمال الدّين عبد الله بن عبد السَّيِّد وَدفن فِي قبر أعده لنَفسِهِ، وَكَانَ من أطباء المارستان النوري بِدِمَشْق، وَأسلم مَعَ وَالِده الذبان سنة إِحْدَى وَسَبْعمائة.
وَمَات حسام الدّين مهنا بن عِيسَى أَمِير الْعَرَب وحزن عَلَيْهِ آله وَأَقَامُوا مأتماً بليغاً ولبسوا السوَاد أناف على الثَّمَانِينَ، وَله مَعْرُوف من ذَلِك مارستان جيد بسرمين وَلَقَد أحسن بِرُجُوعِهِ إِلَى طَاعَة سُلْطَان الْإِسْلَام قبل وَفَاته، وَكَانَت وَفَاته بِالْقربِ من سلمية.
وَمَات الْمُحدث الرئيس الْعَام شمس الدّين مُحَمَّد بن أبي بكر بن طرخان الْحَنْبَلِيّ سمع من ابْن عبد الدَّائِم وَغَيره، وَكَانَ بديع الْخط وَكتب الطباق، وَله نظم.
وفيهَا: فِي ذِي الْحجَّة مَاتَ الْفَقِيه الزَّاهِد شرف الدّين فضل بن عِيسَى بن قنديل العجلوني الْحَنْبَلِيّ بالمسمارية، كَانَ لَهُ اشْتِغَال وَفهم وَيَد فِي التَّعْبِير، وتعفف وَقُوَّة نفس، عرض عَلَيْهِ حزن الْمُصحف العثماني فَامْتنعَ رَحمَه الله تَعَالَى.
وفيهَا: وصل الْأَمِير سيف الدّين أَبُو بكر الباشري إِلَى حلب وَصَحب مَعَه مِنْهَا الرِّجَال والصناع وَتوجه إِلَى قلعة جعبر وَشرع فِي عمارتها وَكَانَت خراباً من زمن هولاكو وَهِي من أمنح القلاع تسبب فِي عمارتها الْأَمِير سيف الدّين تنكز نَائِب الشَّام وَلحق المملكة الحلبية وَغَيرهَا بِسَبَب عمارتها ونفوذ مَاء الْفُرَات إِلَى أَسْفَل مِنْهَا كلفة كَثِيرَة.
ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة: فِيهَا فِي الْمحرم بَاشر السَّيِّد النَّقِيب الشريف بدر الدّين مُحَمَّد بن السَّيِّد شمس الدّين بن زهرَة الْحُسَيْنِي وكَالَة بَيت المَال بحلب مَكَان شَيخنَا القَاضِي فَخر الدّين أبي عمر وَعُثْمَان بن الْخَطِيب زين الدّين عَليّ الجبريني.
وفيهَا: فِي الْمحرم نزل نَائِب الشَّام الْأَمِير سيف الدّين تنكز بعسكر الشَّام إِلَى قلعة جعبر وتفقدها وَقرر قواعدها وتصيد حولهَا، ثمَّ رَحل فَنزل بمرج بزاعا، وَمد لَهُ نَائِب حلب الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا بِهِ سماطاً ثمَّ سَافر إِلَى جِهَة دمشق.
وفيهَا: فِي صفر طلب من الْبِلَاد الحلبية رجال للْعَمَل فِي نهر قلعة جعبر ورسم أَن يخرج من كل قَرْيَة نصف أَهلهَا وجلا كثير من الضّيَاع بِسَبَب ذَلِك ثمَّ طلب من أسواق حلب أَيْضا رجال واستخرجت أَمْوَال وَتوجه النَّائِب بحلب إِلَى قلعة جعبر بِمن حصل من الرِّجَال وهم نَحْو عشْرين ألفا.