سعد أحكم فيهم أَن تقتل الرِّجَال وتقسم الْأَمْوَال وتسبى الذَّرَارِي وَالنِّسَاء، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لقد حكمت فيهم بِحكم اللَّهِ من فَوق سَبْعَة أَرقعَة " ثمَّ رَجَعَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْمَدِينَة وَحبس بني قُرَيْظَة فِي بعض دور الْأَنْصَار وَأمر فحفر لَهُم خنادق ثمَّ بعث بهم فَضربت أَعْنَاقهم فِيهَا وَكَانُوا نَحْو سَبْعمِائة رجل ثمَّ قسم سَبَايَا بني قُرَيْظَة فَأخْرج الْخمس وَاصْطفى لنَفسِهِ رَيْحَانَة بنت عَمْرو فَكَانَت فِي ملكه حَتَّى مَاتَ ثمَّ انفجر جرح سعد بن معَاذ فَمَاتَ رَضِي اللَّهِ عَنهُ.
وَاسْتشْهدَ فِي حَرْب الخَنْدَق سِتَّة مِنْهُم سعد، وَكَانَ سعد قد سَأَلَ اللَّهِ لما جرح على الخَنْدَق أَن لَا يميته حَتَّى يَغْزُو بني قُرَيْظَة لغدرهم بالعهد فاستجيب لَهُ، وغزوة بني قُرَيْظَة فِي ذِي الْقعدَة مِنْهَا.
قلت: " وَفِي سنة خمس صلى صَلَاة الْخَوْف وَالله اعْلَم، وَأقَام بِالْمَدِينَةِ حَتَّى خرجت السّنة.
ثمَّ دخلت سنة سِتّ: فِيهَا فِي جمادي الأولى خرج إِلَى بني لحيان طلبا بثأر أهل الرجيع فَتَحَصَّنُوا برؤوس الْجبَال فَنزل عسفان تخويفا لأهل مَكَّة ثمَّ عَاد.
(غَزْوَة ذِي قرد)
ثمَّ أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ أَيَّامًا فَأَغَارَ عُيَيْنَة بن حصن الْفَزارِيّ على لقاح رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهِي بِالْغَابَةِ فَخرج النَّبِي يَوْم الْأَرْبَعَاء حَتَّى وصل إِلَى ذِي قرد لأَرْبَع خلون من ربيع الأول فاستنقذ بَعْضهَا وَعَاد إِلَى الْمَدِينَة، وَكَانَت غيبته خمس لَيَال. وَذُو قرد - مَوضِع على لَيْلَتَيْنِ من الْمَدِينَة على طَرِيق خَيْبَر.
(غَزْوَة بني المصطلق)
كَانَت فِي شعْبَان من هَذِه السّنة وَقيل سنة خمس قلت: وَفِي سنة سِتّ كسفت الشَّمْس وَنزل الظِّهَار وَالله أعلم.
كَانَ قَائِد بني المصطلق الْحَارِث بن أبي ضرار ولقيهم رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على مَاء لَهُم يُقَال لَهُ الْمُريْسِيع واقتتلوا فَهزمَ اللَّهِ بني المصطلق فَقتل وسبى وغنم وَوَقعت جوَيْرِية بنت قائدهم الْحَارِث فِي سهم ثَابت بن قيس فكاتبته على نَفسهَا فَأدى عَنْهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كتَابَتهَا وَتَزَوجهَا فَقَالَ النَّاس أَصْهَار رَسُول اللَّهِ فَأعتق بتزويجه إِيَّاهَا مائَة من أهل بَيت بني المصطلق فَكَانَت عَظِيمَة الْبركَة على قَومهَا، وَفِي هَذِه الْغُزَاة قتل رجل من الْأَنْصَار رجلا من الْمُسلمين خطأ يَظُنّهُ كَافِرًا والقتيل هِشَام من بني لَيْث بن بكر.